في ورقته البحثية المنشورة خلال مؤتمر الرواية العربية عام 2015 كتب السيناريست البحريني الراحل فريد رمضان: “ومع دخولنا الألفية الجديدة، يصل الانحسار بين النص الروائي والخطاب السينمائي إلى درجات مثيرة للاهتمام، حيث القطيعة تصل إلى مستوى مثير للواقع السينمائي العربي وقيمة الفيلم العربي، وللمنتج الروائي العربي أيضًا”، ضاربًا المثل بأن قائمة افضل مئة رواية عربية الصادرة في العم 2001، لم يُحوَّل من نصوصها العشر الأولى إلى السينما إلا ثلاث روايات فقط، أشهرها ثلاثية نجيب محفوظ و”رجال في الشمس” للأديب المناضل الفلسطيني غسان كنفاني.
ويخلص رمضان في ورقته – التي لم يتغير الحال منذ كتابتها حتى الآن – إلى الذروة الأكثر أهمية: “السؤال الجوهري الذي ينبغي علينا أن نطرحه هنا: ما الذي حدث وأسس لقطيعة شبه كاملة بين الرواية العربية والخطاب السينمائي؟ على اعتبار أن الكتاب يشكل عماد المعرفة، وحالة تنتج وعيًا ثقافيًا، ومصدرًا رئيسًا لها في إنتاج أدوات التثقيف وخلق مجتمع مؤسس على المعرفة، ويعمل على تأصيل الوعي الديمقراطي وهو يدفع بالمجتمع نحو حالته المدنية المبتغاة الذاهبة نحو أفق الحرية في معناها الإنساني الواسع. فإن السينما، كونها خطابًا ثقافيًا تدفع هي الأخرى، بهذا الاتجاه وتسعى من خلال قوة الصورة عما يعجز عنه الكتاب في المجتمع العربي.”
اختار الناقد رامي عبد الرازق الاقتباس السابق ليبدأ به دراسته التحليلية للفيلم السوداني “ستموت في العشرين”، وهو واحد من الأعمال المعدودة في السينما العربية خلال الأعوام الأخيرة التي أخذت عن نص أدبي. لكن هذا الجفاء بين السينما والأدب لم يكن هو الحال دائمًا، بل ظلت المصادر الأدبية فترات طويلة منابع لا تنضب تستقي منها الأفلام قصصها.
في هذا الملف الخاص، يلقي كُتّاب فاصلة الضوء على تلك العلاقة المليئة بالشد والجذب، الإعجاب والتحفظ، المحبة والغيرة، بين الأدب والسينما؛ سواء تاريخيًا عبر تناول أفلام أيقونية تعامل صنّاعها مع نصوص أدبية، أو في الحاضر عبر النظر للوضع الراهن في العلاقة بين الوسيطين. فلنخُض معًا خلال هذا الملف رحلة بين شاشات السينما وصفحات الكتب.
1- «ستموت في العشرين»… جماليات الانتقال من حبر القصة إلى ضوء الفيلم
في عام 2019، خلال حفل ختام فعاليات الدورة السادسة والسبعين لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي صعد المخرج السوداني الشاب أمجد أبو العلا ليتسلم جائزة أسد المستقبل عن فيلمه الروائي الطويل الأول، المأخوذ عن قصة قصيرة للأديب السوداني حمور زيادة تحمل عنوان “النوم عند قدمي الجبل”، والتي اقتبسها أمجد بالتعاون مع الكاتب يوسف ابراهيم وقدماها في فيلم من إنتاج سوداني مصري بعنوان “ستموت في العشرين”.
لقراءة المقال كاملا من هنا
2- «البوسطجي»… من هدايا الأدب للسينما المصرية
في هذا المقال ضمن ملف السينما والأدب، يكتب الناقد أحمد شوقي عن درة من درر السينما المصرية، فيلم منقول عن نص أدبي للكاتب الذي لم ينل ما يستحق من تقدير، يحيى حقّي. يعيد أحمد شوقي قراءة فيلم البوسطجي من كونه فيلمًا ثوريًا كابوسيًا عن حياة القرية المصرية التي لا تزال تهجع في ظلام القرون الوسطى .
لقراءة المقال كاملا من هنا
3- “باب الشمس”: ما بين الرحيل والعودة يقع الفرد الفلسطيني
خلق الملاحم السينمائية يتطلب حرفية عاليّة من ناحية انتقاء التقنية السرديّة المُناسبة للحكي، خصوصاً إذا اتسمت المروية البصرية بالانفراجات والامتدادات بحيث تغطي مساحة زمنيّة هائلة وتحشد داخلها سلسلة من الوقائع التاريخيّة المُهمة، فالدراما التاريخيّة تؤسس بشكل جوهري على عُنصري الزمان والمكان؛ كدعامات تاريخيّة، وكُل ما بينهما يُمكن تسميته ب”مساحة اللعب”؛ قوامها الأساسي هو الخيال، بحيث يشغلها المُخرج بأدواته ولُغته البصرية ورؤيته الإبداعيّة، وهذا لا يعني تنحية التاريخي ــ رغم أن بعض المخرجين يفضلون ذلك ــ بيد أن الصُنّاع يُشكّلون حيوات جديدة وينحتون مسارات ترتكز على التاريخي في شكله الأولي ولكنها تسمو فوقه، كشخصيّات ما فوق تاريخيّة، أي أنها مرتبطة بحقبة تاريخية معينة ولكنها شخصيّة سينمائية في الأساس، دائمة التجدد، ويمكن إعادة اكتشافها، بالإضافة إلى كونها تحمل قيمة ذاتية بمعزل عن التاريخي، قيمة فرديّة إنسانيّة وكونيّة، كما في شخصيّات ملحمة باب الشمس في جُزئيها “الرحيل” و”العودة” من إخراج يُسري نصر الله…..
لقراءة المقال كاملا من هنا
4- “حوجن”… حكاية سينمائية عن فقر الخيال
فيلم “حوجن” للمخرج ياسر الياسري، يأتي بعد انتظار طال من قراء الرواية المنتمين لفئة الشباب محبي روايات الرعب والخيال والإثارة، إذ يعيد الفيلم سرد أحداث الرواية التي تدور حول جني اسمه “حوجن” يعمل طبيبًا، يقع في حب فتاة من عالم البشر تسكن مع عائلتها نفس البيت الذي يسكنه ذلك الجني الطبيب وعائلته.
لقراءة المقال كاملا من هنا
5- «جنة الشياطين»: بصقة مزدوجة على وجه الموت والحياة
يموت الواحد فيتخلصون من جثته كحمل ثقيل، يحشرونه في حفرة أرضية مُظلمة ويدمجونه بشكل تام في الغياب. لا يهم هنا إن كانوا يحبونه أم يكرهونه؟ المهم أن حضوره المادي أصبح لا يُحتمل للجميع. لكنهم يستعيدونه ثانية في خيالهم وأحلامهم، كذكرى شفافة بلا جسد، يمكن احتمالها، البكاء عليها، الحديث معها، سبها ولعنها.
وماذا عن الموتى أنفسهم؟ لماذا لا نفكر فيهم إلا كأجساد قليلة الحيلة وبائسة؟
يزورنا الموتى في حلم ما، يتلمسون لغتنا ليمرحوا معنا أو يقلبوا علينا المواجع، لغتنا التي سئموها وكرهوها حتى إنهم صمتوا وامتنعوا عنها للأبد. لكن ألا يريد الموتى أن يشكلوا لغة خاصة بهم؟ ألم يموتوا ومعهم لغتنا التي لم تعد قادرة على أن تقول عنهم شيئًا أو تخبرنا عن مستقبلهم المجهول؟ وهل نترك مساحة للأحياء أصلًا ليشكلوا لغتهم الخاصة حتى نتركها للموتى؟
لقراءة المقال كاملا من هنا
6- «المخدوعون»… تداخل مُركب بين النصين الروائي والسينمائي
تفرض المقاربة بين النص السينمائي المقتبس، والعمل الروائي المقتبس عنه؛ العودة إليهما (الرواية والفيلم) لمعاينة خصوصية كل واحد منهما، ولملاحظة مقدار التغيُّر في المنجز البصري مقابل النص الأدبي، وكيف يُجسد صانعه (المخرج) رؤيته إليه، والتدقيق أيضًا بالمقدار الذي يضفيه عليه (السيناريو) ليجعل منه منجزًا بصريًا يستجيب لاشتراطات الصنعة السينمائية.
تطبيق ذلك التصور على فيلم “المخدوعون” (1972) للمصري توفيق صالح، المأخوذ عن رواية “رجال في الشمس” للأديب الفلسطيني غسان كنفاني (1963)، يظهر تداخلًا معقدًا ومركبًا بين النصين؛ السينمائي والروائي. وهو تداخل متأتٍ في الأساس من أسلوب كتابة الرواية، ومن قراءة توفيق لها وإعادة كتابتها سينمائيًا (السيناريو له أيضًا).
لقراءة المقال كاملا من هنا
7- ميلان كونديرا… علاقة مرتبكة مع السينما
تشكّل علاقة ميلان كونديرا (1929 – 2023) والسينما أحد الألغاز المرتبطة بذلك الروائي العظيم. فعلى الرغم من نجاحه الاستثنائي أدبيًا؛ نادرًا ما كانت كتاباته تتكيف مع الشاشة الكبيرة. مما يثير العجب، خاصة عند الانتباه إلى المفارقة المتمثلة في كونه ابن لعازف بيانو وعالم موسيقى، وأنه درس السينما في «مدرسة السينما والتلفزيون» (FAMU) التابعة للأكاديمية الفنون المسرحية في براغ، منضمًا بعد تخرجه إلى صفوف الأساتذة فيها وقام بتدريس فن كتابة السيناريو.
لقراءة المقال كاملا من هنا
8- «الفهد» من الرواية إلى السينما… كيف تغيّر كل شيء لكي تظلّ الأشياء على حالها؟
كثيرًا ما يُشار إلى “الفهد” للوتشيانو فيسكونتي، المرتكز على رواية جوزيبي دي لامبيدوسا التي تحمل العنوان نفسه، على أنه من الحالات النّادرة التي أسفر فيها اقتباس تحفة أدبية إلى السينما عن تحفة فيلمية مطلقة تُوّجت بالسعفة الذهبية لمهرجان كان في 1963. فمن المعلوم أنّ نقل معالم الأدب الروائي إلى السينما غالبًا ما ينتج أعمالًا متوسطة أو مخيّبة، وفي أحسن الأحوال جيدة. وأنّ أكثر الأعمال السينمائية المقتبسة رسوخًا في الأذهان استُوحت من قصص قصيرة، على غرار” أنسجة الشيطان” للأرجنتيني خوليو كورتاثار التي أوعزت لأنطونيوني بـ”انفجار Blow-Up”، إذ يفسح أدب القصة القصيرة المجال للمخرج لبسط رؤيته وبث مقاربته الجمالية لأجواء القصة، أو من نصوص أدبية تنتمي لأجناس وُسمت – خطًأ؟- بأنها أقلّ شأنًا، مثل الرواية البوليسية أو الخيال العلمي، أو حتى تلك التي وُصفت قدحًا بـ”روايات محطة القطار” أو “روايات المطار” لكن ذلك لم يمنعها من تخرج لنا أفلامًا عظيمة على الشاشة، نذكر منها على سبيل المثال “سايكو” Psycho لألفريد هيتشكوك المقتبس عن رواية لروبرت بلوخ بذات العنوان.
لقراءة المقال كاملا من هنا
9- «الكيت كات» و«مالك الحزين»… في رثاء المدن
يتناول الناقد الفرنسي الشهير أندريه بازان في كتابه “بازان في عمله”، فكرة الاقتباس في السينما وقدرتها على التعبير بنفس العمق والتعقيد الذي تقدمه الرواية الأدبية. يوضح بازان أن السينما يمكنها تجاوز حدود العرض البصري المجرد، لتقدم فهمًا أعمق للأحداث.
عملية الاقتباس في حركتها تتضمن إعادة تفسير مستمرة للعمل الأدبي، متحدية المفاهيم التقليدية المتعلقة بالوفاء للنص الأصلي. فالاقتباسات الناجحة ليست بالضرورة تلك التي تظل وفية تمامًا للأصل، بل التي تعيد تقديم مادة المصدر بطريقة مبدعة ومختلفة. في بعض الأحيان، نجد أنفسنا أمام عملين مختلفين تمامًا رغم اشتراكهما في المفاصل الرئيسية، كما في فيلم “الكيت كات” المأخوذ عن رواية “مالك الحزين” للأديب الراحل إبراهيم أصلان.
لقراءة المقال كاملا من هنا