فاصلة

حوارات

مخرج فيلم «بين أشواك الفن والسياسة»: لم أكن أعرف خالد الشيخ قبل تحضيري للفيلم

Reading Time: 5 minutes

يشكل فيلم «خالد الشيخ: بين أشواك الفن والسياسة» خطوة كبيرة في مسار السينما الوثائقية السعودية عمومًا، والوثائقيات التي تنتجها مجموعة «ثمانية» بشكل خاص. فمنذ العام 2018، دأبت ثمانية عبر موقعها ومنصات العرض الرقمية على نشر وثائقيات قصيرة من إنتاجها، أقرب لفن الفيتشر المصور في الصحافة، الذي يُنتَج لغرض الوصول لجمهور يستخدم هاتفه للحصول على المعرفة والترفيه. أما فيلم ثمانية عن الموسيقار البحريني خالد الشيخ، والذي أخرجه أحد مخرجي ثمانية المخضرمين؛ فخرج عن الحدود الزمنية وأساليب العرض والإنتاج المعتادة لجهة الإنتاج نفسها. 

الفيلم الذي أخرجه السعودي الشاب جمال كتبي، وشهد عرضه الأول ضمن برنامج «السينما السعودية الجديدة» خلال الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، يتخطى زمنه الدقائق الأربعة المعتادة في وثائقيات ثمانية، وأنتج ليعرض على شاشة السينما، لا شاشة الموبايل، ما يجعله يتخذ موضعًا مهمًا في مسار السينما الوثائقية السعودية.  

نحن أمام فيلم يؤرخ لحياة واحد من أهم فناني البحرين؛ يقوده فنان شاب سعودي تعرَّف إلى أغانيه بمصادفة قدرية، فتواصلت معها روحه على الفور ليصنع عنه فيلمه الوثائقي «خالد الشيخ: بين أشواك الفن والسياسة».

 

يتتبع الفيلم الذي أخرجه السعودي جمال كتبي، حياة الفنان البحريني العابر للحدود خالد الشيخ، مؤرخًا لدراسته للعلوم السياسية في الكويت وانتقاله لعالم الموسيقى الرحيب في مصر، ومن هنا جاء تصوير الفيلم بين مصر والكويت لاستعراض ملامح الحياة المهنية والشخصية الثرية لخالد الشيخ، ليحوز الفيلم بعدها على إشادات كبيرة من جمهور ونقاد مهرجان البحر الأحمر في دورته الثالثة، حيث شهد الفيلم عرضه الأول قبل شهرين. 

تحدثت فاصلة إلى جمال كتبي عن فيلمه «خالد الشيخ بين أشواك الفن والسياسة» وحكى لنا عن كواليس صناعة الفيلم والعلاقة الإنسانية التي انبنت بينه وبين الفنان خالد الشيخ أثناء العمل على الفيلم. 

 فيلم خالد الشيخ

في البداية يوضح لنا كتبي أنه رغم إخراجه عدداً من الأفلام قبل فيلمه الوثائقي الهام، إلا أنه يعد الفيلم الذي صنعه عن الفنان خالد الشيخ هو باكورة علاقته بالسينما كونه أول فيلم من إخراجه للعرض على شاشة السينما. 

بدأ جمال كتبي إخراج الأفلام وهو بعد السادسة عشرة من العمر، فقد أخرج أول عمل له في العام 2011 كما يروي لـ فاصلة، فيما هو من مواليد عام 1995.

أما عن عمله على فيلمه الوثائقي السينمائي الأهم عن حياة الموسيقار خالد الشيخ، فبدأ بمصادفة قدرية، فقد كانت هناك شخصيات عدة مقترحة لصناعة فيلم سينمائي عن حياتها ومسيرتها الفنية، ومن بين الشخصيات المطروحة كلها وقع الاختيار على الفنان خالد الشيخ، ووقع الاختيار عليه لإخراج الفيلم الذي يعد واحداً من بواكير الإنتاج السينمائي الوثائقي في السعودية، وشارك ضمن فئة «السينما السعودية الجديدة» في الدورة الفائتة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي. 

قبل العمل على الفيلم لم يكن المخرج الشاب يعرف الكثير عن الفنان خالد الشيخ ولم يكن قد استمع إلى موسيقاه. يحكي كتبي لـفاصلة: «لم أكن أعرف خالد الشيخ قبل إخراجي الفيلم، لكن بعد اختياري لإخراج الفيلم استمعت لأغانيه لمدة شهرين كاملين قبل أن ألتقي به».

ويواصل: «بعد تعرفي على موسيقاه وأغنياته حاولت أن أوصل العديد من الأشياء التي اكتشفتها في أغنياته من خلال الفيلم، وبالفعل أشعر أن الفيلم يشبهه لأنه يعبر عن أفكاره… خالد يشبه حالة الشجن الموجودة بالفيلم، وهذه هويته الموسيقية التي استطاع من خلالها تحقيق المعادلة الصعبة بتقديم أغاني جديدة، لكن في نفس الوقت ليس بعيدة عن الوجدان العربي، هو كان يعيش في الوجدان العربي».

وحول مراجعة أرشيف الفنان البحريني الكبير يقول كتبي، إن فريق الأرشيف ساعده كثيراً فيما يخص هذه النقطة. لكن أصحاب الإسهام الأكبر في بناء تفاصيل حياة وفن الشيخ كانوا هم معجبيه الذين حرصوا على جمع أرشيفه وتوثيقه عبر الصفحات التي خصصوها للاحتفاء به وبفنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، «كما قرأت كتاب أحمد الواصل عن تجربة خالد الشيخ. أحمد أبحر في تفاصيل دقيقة جدًا ربما لم يقصدها خالد الشيخ نفسه. كتاب حالم وجميل لو كنت تقرأه بهدف تسلية وقتك. لكن خالد نفسه لو تناقشت معه بشكل شخصي عن الأفكار التي سردها الكتاب، ستكتشف أنه لم يقصد هذه الأفكار أو يكون نص كلماته ثوريًّار».

جاء أول لقاء بين كتبي والشيخ بعد شهرين من البحث والتحضيرات، وكان أول لقاء بينهما في الحارة التي نشأ بها الشيخ. لكن الإلهام لم يأت فقط من كل تلك المصادر الأرشيفية واللقاءات التي جمعت بين كتبي والشيخ، وإنما كذلك من وثائقي شاهده كتبي عن الفنانة الأميريكية الثائرة نينا سيمون، يوضح كتبي: «وثائقي نينا سيمون كان يحمل نفس (اللغبطة) التي تحملها أفكار خالد الشيخ ونفس الطبقات، لذلك فكرت بإنشاء فيلم يحمل نفس الشتات لكن بروح مختلفة تشبه خالد».

الفنانة الأميريكية نينا سيمون
نينا سيمون

التقى كتبي والشيخ عدة مرات، ولكن تم تصوير 4 لقاءات بمعدل ساعتين ونصف لكل لقاء. يشرح كتبي: «كان هناك اتفاق مبدئي على الأسس العامة للفيلم، فكان هناك ضيوف لا يعرف بشأنهم مثلاً»، وذلك ليتيح لحكاية الفيلم قدرًا أكبر من الصدق وتعدد زوايا السرد واستكشاف جوانب مختلفة من شخصية وفن الشيخ.

وردًا على سؤال فاصلة حول دوافعه لصناعة الفيلم يقول كتبي: «ما كان يهمني هو صناعة فيلم مكتوب بصورة جيدة، فيلم يقدر الجمهور على الإحساس به.. فيلم يستعرض الأفكار التي يعتنقها أو تراجع عنها الشيخ، ورحلته، واللحظات التي يراجع نفسه عليها وكل هذه التفاصيل».

وحول مقدار الحرية المعطاة له خلال تصوير الفيلم في ظل تدخل الجهات الداعمة مثل «الثمانية» يقول كتبي: «الأمر ليس على هذا النحو، لكن فعلاً عالمنا العربي لا يسمح بأشياء كثيرة. حتى مزاج الشارع العربي أصبح يتأثر ببعض التصريحات والألفاظ، لذلك كنت مهتم بألا أقدم شيئًا يتم فهمه على نحو خاطئ. لم أكن أسعى خلف سبق صحفي بقدر سعيي خلف قصة جيدة».

أما عن الصعوبات التي واجهته اثناء صناعة الفيلم فيقول جمال كتبي: «لم تكن هناك صعوبات بالمعنى الحرفي، ربما الصعوبة الوحيدة أني كنت أتخيله فيلم روائي طويل وبدأت تحضيراتي على هذا الأساس، لكن بعدها اكتشفت أنه لا يمكن أن يكون فيلم طويل».

 

وعن عائق تشابه الأفلام التي تنتجها “الثمانية” فيما بينها، وكيف استطاع الخروج عن هذا النمط، يشرح كتبي: “لأنه كان يهمني أن أروي القصة التي من الممكن ألا يعرفها خالد الشيخ شخصيًّا، وعندما يراها يشعر أنه يرى قصة جديدة ومختلفة. وهذا كان تعليقه بالفعل، كان تعليقه: (أنت رويت قصتي لكني أشعر أني لا أعرفها)”.

أما عن خطواته المستقبلية وموقع الأفلام الوثائقية فيها فيقول المخرج السعودي الشاب: “أنا أرى أن الأفلام الوثائقية محصورة في منطقة معينة في العالم العربي، ولا يوجد أحد يحاول تجديد هذه المنطقة. أتمنى أن نصل يوما للمرحلة التي يذهب الجمهور فيها لمشاهدة أعمال وثائقية في السينمات”.

نرشح لك: “بين أشواك الفن والسياسة”… هذا ما فاتنا من سيرة “خالد الشيخ”

شارك هذا المنشور