شهد النصف الأول من العام الحالي 2024، حصادًا واسع النطاق للنشاط السينمائي السعودي؛ انعكس من خلال عدد كبير من الأفلام السعودية التي عرض كثير منها على المنصات الرقمية إضافة إلى ما استضافته دور العرض السينمائية.
النشاط السينمائي العارم لم يتوقف عند إنتاج الأفلام فقط، بل لمع بريقه في عدد من الإنجازات التي تتحقق لأول مرة، أبرزها مشاركة فيلم سعودي في واحدة من المسابقات الرسمية لمهرجان كان، وهو الفيلم السعودي «نورة»، كما استقبلت دور العرض أول فيلم سعودي يتخطى زمن عرضه الثلاث ساعات لأول مرة يتخطى فيلم حاجز الثلاثة ساعات وهو فيلم «أحلام العصر»، كما تمكن فيلمان سعوديان من تحقيق رقم قياسي جديد في شباك التذاكر لتتخطى مبيعات كل منهما 600 ألف تذكرة. وفي هذا التقرير، نرصد الأفلام السعودية الطويلة التي استقبلناها في عام 2024.
مندوب الليل
على الرغم من أن عرضه بدأ في بداية ديسمبر 2023، إلا أن بداية 2024 كانت شاهدة أكثر على نجاحه الذي برز مع وصوله لدور العرض السينمائية في الدول عربية عدة على رأسها مصر، ومنها إلى الدول الأوربية حتى عرضه هذا الأسبوع في بريطانيا.
الفيلم حقق منذ طرحه بداية ديسمبر 2023 حتى 14 مارس 2024، إيرادات بلغت 28.3 مليون ريال سعودي، بمبيعات إجماليها 609 ألف تذكرة مباعة.
كان العرض الأول لـ «مندوب الليل» للمخرج علي الكلثمي خلال مهرجان تورنتو السينمائي الدولي العام الماضي 2023، وحصل على جائزة الجمهور لأفضل فيلم روائي طويل في مهرجان تورينو السينمائي الدولي 2023.
ونجح الفيلم في تحقيق المعادلة الصعبة التي تتمثل في الجمع ما بين النجاح الجماهيري والنجاح النقدي، فكان هناك شبه إجماع نقدي على تميزه واعتباره من أميز الأفلام العربية التي عرضت هذا العام.
اقرأ أيضا: «مندوب الليل».. وحيدًا في مواجهة المدينة
هجان
بدأ فيلم «هجان» من إخراج أبو بكر شوقي رحلته في نهاية 2023، حيث عُرض عالميًا لأول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي في سبتمبر 2023، ثم عُرض ضمن برنامج روائع عربية بالدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، في نوفمبر، قبل أن يطرح في دور العرض في الثامن عشر من يناير الماضي.
الفيلم إنتاج مشترك بين المنتج المصري محمد حفظي، ونظيره السعودي ماجد زهير سمان، ومن بطولة عبد المحسن النمر وعمر العطاوي والشيماء طيب وعزام النمر وإبراهيم الحساوي. وهو من تأليف عمر شامة ومفرج المجفل وإخراج أبو بكر شوقي.
كان هناك تباين كبير في استقبال الفيلم، فعلى الرغم من الحفاوة العربية في التي لوقي به، استقبله الجمهور السعودي بفتور. ولكن رغم كل ما قيل عن الفيلم وأداءاته وقصته إلا أن وجود النمر بطلًاله كان إضافة مهمة ونقطة مضيئة لنجم سعودي كان غيابه مؤثرًا وحضوره ضروريًا في المشهد السينمائي.
عُرض الفيلم في صالات السينما السعودية وحقق حوالي 437 ألف ريال سعودي ويعرض الآن على منصة شاهد.
اقرأ أيضا: «هجّان».. صورة استشراقية لحياة الصحراء
جرس إنذار
في 18 يناير أيضًا كان الجمهور على موعد مع الفيلم الروائي الطويل الثاني لخالد الفهد، وهو «جرس إنذار»، الذي طُرح على منصة «نتفليكس».
الفيلم استطاع سريعًا أن يصل إلى قائمة الأفلام الأكثر مشاهدة في عدة دول في العالم العربي والعالم، محققًا مشاهدات وصلت إلى 11 مليون و600 ألف مشاهدة خلال ثلاثة أسابيع فقط من عرضه، ورصد الفيلم واحدة من المشكلات المجتمعية، من خلال قصة حقيقية لمدرسة بنات يشب فيها حريق هائل يودي بحياة طالبة ومعلمة، فتلقي التحقيقات الضوء على الكثير من القصور المؤسسي والجرائم الصغيرة التي تراكمت داخل جدران تلك المؤسسة التعليمية حتى أدت لكارثة.
يعاب على الفيلم أن القصة الحقيقية المقتبس عنها تحدث عند قراءتها في أراشيف الصحف أثرًا أكبر من الذي حققه الفيلم نفسه، إذ عابه سوء أداء الممثلين وتواضع المؤثرات البصرية. ولكن هناك نقاط مضيئة تحسب للفيلم أبرزها كثرة الأسماء الجديدة التي نطمح أن تتشكل لديها خبرة مع الاستعانة بها في قادم الأعمال، فالسينما السعودية في نموها المتسارع تحتاج إلى المواهب والوجوه الطازجة والمتنوعة باستمرار.
العمل يعد ثاني أفلام المخرج خالد الفهد الطويلة في ظرف عامين إذ قدم طريق الوادي قبل ذلك ولا تزال أعماله حتى الآن لا تحقق ذات النجاح الذي حققه في مسيرته في صناعة الأفلام القصيرة، ولكن رغم تلك المشكلات و الملاحظات حول الفيلم إلا هناك شائعات كثيرة حول العمل أبرزها أن هناك توجه لصنع جزء ثان منه.
اقرأ أيضا: «جرس إنذار»… عندما تغيب عن الحصة الأولى
أمس بعد بكرة
في 23 يناير الماضي، عُرض فيلم «أمس بعد بكرة» للمخرج عبد الغني الصائغ وهو أول فيلم خيال علمي سعودي كوميدي، تدور قصته حول أخوين يعيشان مع والدتهما، يسافران بالزمن لسنة 2003 عبر باب قديم ليلتقيا بوالدهما الراحل، لكنهما يعلقان هناك.
الفيلم من تأليف عمر أشموني وإخراج عبد الغني الصائغ بطولة اسماعيل الحسن ونايف الظفيري، سمر ششة، أحمد الصدام، عبد العزيز برناوي.
الفيلم يعتبر من التجارب الشبابية المستقلة التي لديها جرأة على التجديد من ناحية الأفكار. إلا أنه لم ينجح بشكل كبير في شباك التذاكر، إذ باع الفيلم 16 ألفًا و792 تذكرة بإيرادات تصل إلى 469,834 ريال سعودي فقط.
حوجن
في 15 من فبراير 2024، استقبلت دور العرض السينمائية فيلم «حوجن» المقتبس عن الرواية الأكثر مبيعًا في المملكة للكاتب السعودي إبراهيم عباس، وهو أول فيلم سعودي يفتتح مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2023.
كان الفيلم مرتقبًا كونه يعتمد على رواية واسعة النجاح، كما حظي بمكانة مهمة كونه أول فيلم سعودي يفتتح مهرجان البحر الأحمر المقام في السعودية، وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا أيضًا عند عرضه في المهرجان لكن كمستوى فني عانى كثيرا ً إخراجيا ً خاصة ومثل هذه الأعمال منتظر لها إبهار بصري لم نشاهده في هذا الفيلم .
تدور قصة الفيلم حول جني طيب يدعى حوجن (براء عالم)، يعيش بين البشر في مدينة جدة، وتنشأ بينه وبين طالبة طب شابة اسمها سوسن (نور الخضراء) قصة حب.
الفيلم من إخراج ياسر الياسري ويشارك في بطولته نايف الظفيري، والعنود سعود، ومحسن منصور. وحقق «حوجن» مبيعات تذاكر زادت على 116 ألف تذكرة بإيرادات اقتربت من خمسة ملايين ريال (4,751,648).
شباب البومب
بعد إجازة في مارس تزامنت مع حلول شهر رمضان الكريم، بدأ تدفق الأفلام في السعودية إلى دور ومنصات العرض من جديد، ففي 10 إبريل بدأ عرض «شباب البومب» الذي حقق إيرادات تخطت 26 مليون ريال و500 ألف تقريبًا، مقابل أكثر من 632 ألف تذكرة.
الفيلم من بطولة فيصل العيسى وفريقه المعتاد الذي يعمل معه في المسلسل الذي يحمل أيضًا اسم «شباب البومب».
الفيلم نجح في تحقيق أرقام قياسية في شباك التذاكر خارج المملكة العربية السعودية، في عدد من الدول الخليجية والعربية، وأبرزها الكويت التي تصدر الفيلم شباك التذاكر فيها خلال أسبوع عرضه الأول، وحقق أقوى افتتاحية لعطلة نهاية الأسبوع في صالات السينما في البحرين والإمارات وعُمان والعراق؛ كأعلى فيلم سعودي على الإطلاق في نسب المبيعات، ولم يزحه عن عرشه إلى صعود فيلم «سطار» الذي عرض بعد عدة أسابيع ليتراجع «شباب البومب» إلى المركز الثاني.
أنا الاتحاد
شهد شهر إبريل أيضًا طرح فيلم «أنا الاتحاد» في دور العرض. ويستعرض الفيلم السنوات الخمسين الأولى من تاريخ نادي الاتحاد السعودي، متناولًا أهم اللاعبين والإنجازات والبطولات التي فاز بها، من خلال رجل مُسنٍّ يروي قصة ناديه المفضّل لشاب. وهذا أول عمل فني يحكي عن تأسيس نادي الاتحاد الرياضي السعودي والإنجازات التي حققها منذ بداياته في عام 1927 إلى جانب العراقيل التي وقفت في طريق تطوره.
الفيلم من إخراج حمزة طرزان، وتمثيل خالد الفراج، وياسر السقاف، وخالد يسلم، وسناء بكر يونس، وعلى الرغم من اسم الإتحاد والشعبية الجارفة للنادي إلا أن الفيلم مر مرور الكرام في صالات السينما ولم يستطع الصمود لأكثر من أسبوع واحد، وحتى عند عرضه في مهرجان الأفلام السعودية خرج خالي الوفاض من دون أي ثناء نقدي او حتى نجاح جماهيري. الفيلم باع فقط 1475 تذكرة بإيرادات وصلت لـ 70 ألف ريال فقط.
أحلام العصر
أحد أكثر الأفلام المنتظرة في 2024 كان «أحلام العصر» الذي استقبلته دور العرض في 2 مايو، وهو للأخوين صهيب وفارس قدس بعد تجربتهما الأكثر نجاحًا «شمس المعارف» عام 2020 والتي تجاوزت ذلك الوقت حاجز الـ 100 ألف تذكرة.
ومثل فيلمهما «شمس المعارف»، يتعمق الأخوان قدس في «أحلام العصر» في عوالم الشباب والمراهقين خاصة أولئك الحالمين بالشهرة والثراء السريعين من خلال تطبيقات الهواتف النقالة.
وتدور أحداثه حول نجم كرة معتزل سيئ السمعة ومظلوم إعلاميًا، يتعاون مع ابنته في فرصة للانتقام من جميع من ظلمه عبر بوابة الشهرة في قنوات التواصل الاجتماعي، حيث يجدان فرصة سانحة للعمل مع أشهر وكلاء أعمال للمشاهير في المنطقة، ويعملان معهم على تسويق أضخم المشاريع العقارية التي تزيد من أطماعهما وتورطهما.
الفيلم من بطولة صهيب قدس ونجم، وإخراج فارس قدس، وشارك في بطولته فاطمة البنوي وحكيم جمعة ، براء عالم ، إسماعيل الحسن ، الفيلم عُرض للمرة الأولى في مهرجان البحر الأحمر، ومنذ أول عرض كان المحور المسيطر على النقاشات حوله هي كون الفيلم تعدى الثلاث ساعات في تجربة تحدث للمرة الأولى في السينما السعودية، وليلحق بمجموعة قليلة من الأفلام العربية التي امتد زمن عرضها بهذا القدر. ويبقى السؤال هل نجحت التجربة؟
نجح الفيلم في بيع 87 ألف تذكرة فقط بإيرادات وصلت إلى 3,781,593 ريال. ولكن من يدري، ربما بعد أن يعرض الفيلم في منصات المشاهدة يحقق مشاهدة أكبر وأهم.
آخر سهرة في طريق ر
الفيلم الأجرأ هذا العام والأكثر إثارة للجدل هو «آخر سهرة في طريق ر» للمخرج محمود صباغ.
منذ أول يوم أعلن عن الفيلم في جريدة «هوليوود ريبورتر» وكان اسم الفيلم حينها «آخر سهرة في طريق رماح»؛ كان متوقعًا أن لدى صباغ شيء مختلف عن المعتاد، فكانت هذه هي المرة الأولى التي يعرض فيها فيلمه في صالات السينما مباشرة بعيدًا عن المهرجانات السينمائية الدولية. ففيلمه الأول عرض في برلين وفيلمه الثاني عرض في القاهرة.
بدأ عرض الفيلم في 9 مايو، وهو مزيج بين الدراما والكوميديا السوداء. الفيلم من بطولة الممثلين عبد الله البراق ومروة سالم وسامي حنفي، ويتناول الفيلم التحولات الأخيرة والانفتاح الاجتماعي الأخير في السعودية، وتدور أحداثه في ليلة واحدة مجنونة، مليئة بالأحداث والاضطرابات، مع متعهد السهرات، وريث كاكا القمر «أبو معجب»، وأشهر مطربات الأفراح والبيوت في ماضي جدة الذهبي، حيث يجوب بفرقته ليالي جدة وعوالمها النخبوية والسفلية بمختلف أنواعها.
برغم النجاح النقدي الكبير للفيلم؛ إلا أنه لم ينجح في صالات السينما وهو ما أرجعه البعض لضعف التسويق، فيما أرجعه بعض آخر لكون الفيلم أقرب مايقال عنه «نخبويّ» وله جمهور الخاص.
«آخر سهرة في طريق ر» تجربة سينمائية جريئة رفعت مستوى حرية التناول السينمائي بشكل كبير. وبمقارنته بتجارب صباغ السابقة ، فهذا الفيلم هو الأكثر نضجًا وسينمائيةً، وقد باع أكثر من 21 ألف تذكرة بإيرادات وصلت إلى أكثر من مليون ريال.
بسمة
مع بداية موسم الصيف، تحديدًا في 6 يونيو، طرحت منصة «نتفليكس» فيلم «بسمة» من إخراج وكتابة وإنتاج فاطمة البنوي، التي تجسد أيضًا الدور الرئيس لشخصية «بسمة».
وهي امرأة تتصارع مع تحديات نفسية واجتماعية تنبع من رفضها للواقع وعدم تصالحها معه.
يشارك البنوي في بطولة الفيلم كوكبة من النجوم، من بينهم ياسر الساسي في دور والد البطلة، ومي حكيم (منال) وطراد سندي (وليد) ومحمد فوزي (مالك).
ولكن على غير عادة الأفلام السعودية التي تعرض في المنصات؛ لم يلق الفيلم إقبالًا كبيرًا لتواضع مستواه .
اقرأ أيضا: «بسمة».. عندما كانت في امريكا !
نورة
الفيلم الأهم لهذا العام هو – بالطبع- «نورة» الذي عرض للمرة الأولى ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي في مايو الماضي، وأتيح للجمهور مشاهدته في دور العرض منذ يوم 20 يونيو.
«نورة» هو أول الأفلام الروائية الطويلة لتوفيق الزايدي، وشارك في مسابقة «نظرة ما»، وحصل على تنويه خاص ضمن فعاليات الدورة الـ 77 من مهرجان كان السينمائي.
وتدور أحداث «نورة» في المملكة في حقبة التسعينيات، ويروي قصة مؤثرة عن حياة شابة أميّة، حيث تبدأ الحبكة مع وصول مدرّس جديد إلى قريتها ليعرّفها لاحقًا على الفن والرسم وعلى احتمالات أوسع من القرية؛ ما يمنحها آفاقًا جديدة من الإمكانيات الخيالية والتعبيرية.
الفيلم من كتابة وإخراج وإنتاج توفيق الزايدي، ويشارك في بطولة الفيلم النجم يعقوب الفرحان، والوجه السينمائي الجديد ماريا بحراوي، والممثل المعروف عبد الله السدحان، وباع أكثر من 43 ألف تذكرة، بإيرادات اقتربت من اثنين مليون ريال.
اقرأ أيضا: «نورة».. السعودية أنارت كان للمرة الأولى
السنيور… عقدة الخواجة
وأخيرًا في الأول من أغسطس، طُرح فيلم «السنيور… عقدة الخواجة» في دور العرض السينمائية، وهو فكرة وإخراج أيمن خوجة، وبطولة ياسر السقاف، ومحمد الزريق، محمد عباس، نجود أحمد، بجانب الممثل المصري بيومي فؤاد.
وتدور أحداثه حول سالم، المهندس السعودي الذي ينتحل شخصية خبير إيطالي ليعمل في شركة كبيرة مستغلًا عقدة الأجنبي، فيجد نفسه متورطًا مع عصابة خطيرة.
الفيلم حقق إيرادات تخطت المليوني ريال، خلال 4 أسابيع من عرضه بإجمالي مبيعات يزيد عن 44 ألف تذكرة وهي إيرادات متواضعة خاصة لفيلم أنتج من شركة موفي والتي وزعت الفيلم أيضا ً وعادة تستهدف موفي في إختيارها للأفلام التي تنتجها أن تكون متوفرة في العمل عناصر تضمن نجاحه وبقاءه في السوق وهذا لم يحدث مع الفيلم برغم التسويق الكبير الذي ناله الفيلم داخل صالات سينما موفي
اقرأ أيضا: بالتفاصيل.. أرقام مشاهدات الأعمال السعودية على «نتفليكس»