أعلن مهرجان كان السينمائي الدولي عن اختيار الفيلم السعودي “نورة” للمخرج توفيق الزايدي، للمشاركة في قسم “نظرة ما” (Un Certain Regard)، ضمن فعاليات الدورة السابعة والسبعين للمهرجان التي تقام في مايو المقبل.
وينافس “نورة” ضمن 15 فيلمًا تم اختيارهم للمشاركة في مسابقة برنامج “نظرة ما”، في الحضور الدولي الأهم للفيلم بعد أن حصد جائزة أفضل فيلم سعودي عند عرضه الأول ضمن مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته السابقة.
وكان سيناريو “نورة” قد حصد بدوره جائزة “ضوء” لدعم الأفلام من هيئة الأفلام ووزارة الثقافة السعوديين في سبتمبر 2019، إلى جانب دعم صندوق البحر الأحمر وأفلام العلا.
يذكر أن العمل على فيلم نورة بدأ قبل سنوات، إذ بدأ الزايدي في كتابة سيناريوهات الأفلام الطويلة ومن بينها “نورة” في العام 2015، ويقول المخرج السعودي إن العمل على مشروع “نورة” استغرق منه 6 سنوات، للكتابة والبحث عن الدعم إلى أن بدأ التصوير في العام 2022 في منطقة العلا غرب السعودية.
وقال الزايدي إنه اختار العلا لتصوير فيلمه لأنه يراها “كأنها متحفًا تراثيًّا يعكس التراث الإنساني وعلاقته بالفن”، وهو أمر وثيق الصلة بحبكة الفيلم وقصة بطلته “نورة”.
الفيلم الذي يشارك في بطولته يعقوب الفرحان وماريا بحراوي وعبد الله السدحان، عن سيناريو لمخرجه توفيق الزايدي؛ تدور أحداثه في فترة التسعينيات حول فتاة تعشق الفن والتصوير والمجلات، وتعيش في قرية بعيدة مع شقيقها الأصغر بعد وفاة والدهما، يكتشف موهبتها معلِّم للفنون جاء لتدريس الرسم في مدرستها النائية، لتربطهما علاقة قوية عبر الفن.
عُمر في صناعة الأفلام
يأتي وصول “نورة” إلى كان، ليصبح أول فيلم سعودي يشارك في مسابقات هذا المهرجان الدولي المهم، ويتوج الفيلم رحلة 18 عامًا خاضها ابن “المدينة المنورة” توفيق الزايدي في الإخراج السينمائي، بدءًا من إخراج الأفلام القصيرة، ووصولًا إلى كتابة وإخراج الأفلام الروائية الطويلة.
قبل ذلك بسنوات، بدأت علاقة الزايدي بالكاميرا – كأغلب السينمائيين السعوديين- منذ كان في الثانية عشرة من عمره، من خلال تصوير الأحداث اليومية العادية كالمباريات التي يخوضها أقرانه في الشارع الذي يعيش فيه بالمدينة المنورة، مسقط رأسه، حيث يرصد بكاميرته الخاصة تلك اللحظات من فوق سطح منزله، ثم يعود ليبدأ عملية المونتاج، ويضيف إليها خلفيات موسيقية، ويجتمع مساءً مع أصدقائه لمشاهدتها، ولم يكن يعلم أن تلك هي بوابته إلى حلم كبير وصل به أخيرًا إلى مهرجان كان، وكما يقول في حوار مع مجلة “الرجل”: “كنت طفلًا يلعب بكاميرا كان يظنها طيشًا، فإذا بها كل حياته”.
أما بدايات الزايدي السينمائية الاحترافية فجاءت في العام 2006، بفيلمه الوثائقي “معنا من أجل السلام”، ثم فيلمه الوثائقي “الجريمة الكاملة” في 2007، وحاز عن الأخير جائزة أفضل مونتاج في مهرجان جدة السينمائي.
وفي 2009 أخرج فيلمه الروائي القصير “الصمت” والذي حاز من خلاله على جائزة أفضل فيلم خليجي ضمن مهرجان مسقط السينمائي الدولي، ثم الفيلم القصير “خروج” وحاز أيضًا على جائزة مهرجان الأفلام السعودية، وجائزة الإبداع الذهبي في مهرجان لبنان عام 2011، أما فيلمه “الآخر” الذي أخرجه عام 2015، فقد حاز جائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان أفلام الرياض عام 2016، وفي 2015 أيضًا كان له فيلم قصير آخر وهو “أربع ألوان”.
وأخيرًا أخرج أول أفلامه الطويلة “نورة” عام 2023، ليحصد به جائزة أفضل فيلم سعودي في الدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.
الفن حيوات مختلفة
على الرغم من تعلقه بالكاميرا وصناعة الصورة منذ الصغر، درس الزايدي البرمجة، وخلال دراسته اتخذ قراره بأن يصبح صانع أفلام على الرغم من الابتعاد الظاهري لدراسته عن مجال صناعة السينما.
توقيت تلك الرغبة ربما ينسجم مع نظرة الزايدي نفسه للسينما والفن، إذ يقول إنه يرى فيهما “حيوات مختلفة”، فأثناء دراسة البرمجة وجد الزايدي أن السينما هي السبيل لحكي القصص التي تدور في خياله الثري، فالخيال هوايته وموهبته، حيث يأخذ إلهامه من كل تجربة يخوضها وكل شخص يقابله، لذلك قرر كتابة الأفلام وإخراجها.
عن “نظرة ما”
انضم قسم “نظرة ما” (Un Certain Regard) عام 1978، لأقسام مهرجان كان السينمائي الدولي، حيث قدمه المفوض العام للمهرجان جيل جاكوب (قبل أن يصبح رئيسًا للمهرجان بين عامي 2001 و2014).
ومن أهداف قسم “نظرة ما” التعرف على المواهب الشابة، وتشجيع الأعمال المبتكرة والجريئة، حيث يركز القسم على الأفلام التي تستخدم تقنيات مبتكرة وغير تقليدية لسرد القصص.
بداية قسم “نظرة ما” لم تكن تنافسية، ولكن في عام 2013، قدم المهرجان عددًا صغيرًا من الجوائز الجديدة. وتنعقد مسابقة الفيلم وعروضه بالتوازي مع المسابقة الرسمية، وله لجنة تحكيم خاصة به، يترأسها هذا العام المخرج والممثل الكندي زافييه دولان.
يتيح “نظرة ما”، الفرصة لاكتشاف الأفلام القادمة من أنحاء مختلفة من العالم، التي تنتمي إلى أنواع فيلمية مختلفة. وتتميز أفلام “نظرة ما” عادة بأسلوب ونهج سردي فريد.
لجنة تحكيم هذه المسابقة، تكرم الأفلام التي تُظهر إبداعًا استثنائيًّا وأصالة، مما يوفر في كثير من الأحيان منصة للمخرجين للحصول على الاعتراف الدولي. “نظرة ما”، هو التطلع إلى آفاق جديدة، والجائزة الكبرى لهذه المسابقة ذهبت في الماضي إلى عدد من كبار صناع السينما في وقتنا الحالي مثل اليوناني يورغوس لانثيموس، الروماني كريستي بويو، السنغالي عثمان سيمبين، المكسيكي ميشال فرانكو، الإيراني جعفر بناهي، والحائز على السعفة الذهبية مرتين السويدي روبن أوستلوند.
اقرأ أيضا: في سماء الفن السابع