استثنائية هي هيفاء المنصور ليس فقط لأنها أول مخرجة سعودية، ولكن لجرأتها على بلوغ حلمها مهما كانت العقبات، وكسرها لأغلال الرفض المجتمعي للفنون في أكثر الأوقات العصيبة على محبي السينما في المملكة، وإخراجها لـ«وجدة»، أول فيلم طويل يتم تصويره بالكامل في السعودية، عام 2012، تحت ظروف لم تكن سهلة أبدًا.
وها هي تستعد اليوم لطرح أحد أكثر الأفلام السعودية المنتظرة هذا العام «المجهولة»، الذي تجدد فيه تعاونها مع ممثلتها المفضلة ميلا الزهراني، والتي وصفتها في هذا الحوار مع «فاصلة» بأنها أهم وأجمل وجه سينمائي سعودي.
المنصور تتحدث في هذا الحوار، الذي أجريناه معها على هامش فعاليات الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي الدولي، عن «البوكس أوفيس» السعودي، والتحديات أمام صناع الأفلام وتغير النظرة المجتمعية للفن وأهله.. إليكم الحوار.
1- ما أبرز ملامح وتفاصيل فيلم «المجهولة»؟
«المجهولة» هو فيلم دراما بوليسية، يصنّف ضمن أفلام الجريمة، وهو يُعتبر أقرب إلى الطابع التجاري مقارنة بأفلامي السابقة التي كانت أقرب إلى السينما الفنية، لذلك لم يكن لها الرواج الكافي في المملكة. أنا متحمسة جدًا لهذا المشروع، خاصةً في ظل وجود سوق سينمائي فعّال في السعودية اليوم، فوجود شباك تذاكر محلي مهم جدًا لدعم الصناعة. ونحن حاليًا في مراحل ما بعد الإنتاج، ولكن لا يزال الوقت مبكرًا لطرحه في دور العرض السينمائية.

2- هل يُشكّل تقديم فيلم جماهيري بطابع تجاري تحديًا بالنسبة لك كمخرجة؟
لا أراه تحديًا مختلفًا، بل أعتقد أن الوقت أصبح مناسبًا لصناعة أعمال تشكّل جسرًا بين السينما الفنية والسينما التجارية. فنحن لا يجب أن نكتفي فقط بالأعمال الكوميدية والخفيفة، من المهم جدًا حاليًا تغذية «البوكس أوفيس» بأفلامٍ تعبّر عن هويتنا وتلمس الجمهور، وفي الوقت ذاته تكون قادرة على النجاح تجاريًا. هذه المعادلة هي ما نسعى لتحقيقه اليوم.
3- في رأيك، أيهما يُعد أكثر أهمية: مشاركة الفيلم في المهرجانات السينمائية أم تحقيقه لنجاح جماهيري واسع في صالات العرض؟
كلاهما مهم بلا شك، لكن في الوقت الحالي، السوق السعودي بحاجة ماسة إلى أفلام تحقق نجاحًا جماهيريًا وتُثبت أن الاستثمار في السينما يُؤتي ثماره. لا يمكن بناء صناعة سينمائية مستدامة دون مردود مادي يُحفّز المنتجين، وفي الوقت ذاته، لا يمكن تجاهل أهمية المهرجانات في بناء سمعة الفيلم وصانعه.
4- كيف ترين تطوّر الحراك السينمائي في السعودية خلال السنوات الأخيرة؟
السعودية تغيّرت كثيرًا في نظرتها للفن والثقافة. حين كنا صغارًا، تربّينا على أن مشاهدة الأفلام وسماع الموسيقى «حرام»، وكان يُنظر إلى الفن على أنه شيء مرفوض اجتماعيًا. اليوم، تغير كل شيء، وأصبح هناك اهتمام واحترام للفنون، وبدأت تظهر فرص كثيرة للشباب من خلال دعم الجهات الحكومية، مثل برامج تدريب وتمويل الأفلام القصيرة التي يقدمها مهرجان البحر الأحمر. هذه التحولات تمنح جيل الشباب فرصة حقيقية لتطوير مهاراتهم وخوض تجارب إبداعية جادة، وأتمنى أن يستفيد شباب المخرجين من كل ذلك.
5- ما أبرز التحديات التي تواجهكم كصُنّاع أفلام في المشهد السينمائي السعودي؟
هناك عدة تحديات، أبرزها نقص الكوادر الفنية المؤهلة، خصوصًا في تخصصات مثل إدارة التصوير، وتصميم الإنتاج. كذلك، لا تزال الكتابة السينمائية في حاجة إلى تطوير حقيقي، لأن النص هو أساس أي عمل ناجح. لكن مع الوقت والدعم، يمكن تجاوز هذه العقبات.

6- ما تقييمك لوضع السوق السينمائي السعودي حاليًا؟
السوق السعودي هو الأهم في المنطقة حاليًا. لدينا طاقة شرائية كبيرة، وجمهور متعطش للمحتوى المحلي. عندما يُطرح فيلم قوي ويُعبّر عن الناس، الجمهور يتفاعل ويحضر، وهذا ما يخلق دورة إنتاج مستدامة، تُمكّن المخرج من تنفيذ فيلم بعد آخر بثقة ودعم حقيقي، يولد الأمل داخل المخرجين لأن يستمروا.
7- هل ما زال مشروع فيلم الأنيميشن قيد التنفيذ، أم تم التراجع عنه؟
الأنيميشن مشروع جميل لكنه يحتاج وقتًا أطول بكثير من الأفلام العادية بسبب طبيعة العمل على الشخصيات والتحريك. حاليًا أركّز على أفلام اللايف أكشن لأنها أسرع في التنفيذ، لكن لا يعني ذلك أنني تخلّيت عن فكرة الأنيميشن تمامًا، هو فقط يحتاج لوقتٍ كافٍ لتنفيذه.

8- ما هي أكثر الأعمال السعودية التي تركت فيك أثرًا وأثارت إعجابك على الصعيد الشخصي والفني؟
أُعجبت كثيرًا بفيلم «هوبال»، وكان له وقع خاص علي، ربما أيضًا لأن ميلا الزهراني بطلة الفيلم هي صديقة عزيزة وأعتبرها من أهم وأجميل الممثلات في السينما السعودية اليوم. ميلا لديها حضور قوي، وكل عمل تُقدمه يكون له طابع فريد ومميز.