فاصلة

حوارات

المخرج نيكولا فيليبير لـ«فاصلة»: أنجز أفلامي كمَن يتقدّم وسط الضباب

Reading Time: 9 minutes

يقدّم الفرنسي نيكولا فيليبير، أحد معلّمي الوثائقي في العصر الحديث، سينما تتوخّى النفاذ إلى جوهر الإنسان، كأنّه يحاول التعرّي من كلّ ما هو عرضيّ، لينظر في الكائن كما هو، لا كما يُقدَّم أو يُتوقَّع. إنه يقترب، في هذا المسعى، من المخرج الأميركي الكبير فريدريك وايزمان، ذلك أنه لا يصل إلى مواقع التصوير محمّلًا أحكامًا مسبقة أو تصوّرات جاهزة. لا يضع نفسه في موقع العارف، بل يدخل التجربة على قدم المساواة معنا، يتعرّف إلى شخصياته أثناء اكتشافها هي لذاتها. لا يفرض رؤية، ولا يتسلّح بمواربة، بل يترك الحدث ينمو على مرأى ومسمع منّا.

يدرك فيليبير (74 عامًا)، الذي فاز قبل سنتين بـ«الدبّ الذهبي» عن فيلمه «على قارب الأدامان»، محدودية معرفته، ومنها تنطلق شرارة الرغبة، الأساسية عند كلّ سينمائي. كأن الفضول شرط للبصيرة، وكلّما أطفأ ضوء الفهم المسبق، زادت حدّة حواسه الأخرى، خصوصاً النظر. الوثائقي، الذي تغيّر كثيرًا عبر السنين، وُلد أصلًا من فكرة ملاحقة ما يجهله الإنسان. فيليبير يردّ هذا الفنّ إلى جذوره الأولى، حيث الاكتشاف أهمّ من التأكيد، والإنصات أعمق من الفرض. نمط الاشتغال هذا جعله أحد أكثر السينمائيين الوثائقيين مناقبيةً، وصلت ذروته في أفلام مثل «أقل شيء» و«أن تكون ويكون لديك» و«عودة إلى نورماندي» و«بيت الراديو».

نيكولا فيليبير
نيكولا فيليبير – برلين (2023)

في سينماه شيء من ورشة عمل مفتوحة، حيث المشروع ينطلق من نقطة واضحة، لكن مساره يظلّ مجهولًا حتى اللحظة الأخيرة. أعماله لا تُبنى على خطط مرسومة بدقّة، بل على الانفتاح الكامل على ما قد يحصل. سواء صوّر داخل محطّة إذاعية، أو تابع الحياة اليومية في فصل دراسي، أو نقل مَشاهد من داخل مستشفى للأمراض النفسية، يبقى اهتمامه الأول والأخير بالعنصر البشري. الإنسان، في أفلامه، هو القضية الأولى والأخيرة، هو مركز الكون الذي تدور حوله الكاميرا. ما يشغله فعلًا هو ما يسميه بـ«الكوميديا الإنسانية»، تلك اللحظات الصغيرة التي تكشف عن حقيقة معينة. هذا التوجّه يخلق أسلوبًا يسهل تمييزه، أحيانًا من مشهد واحد فقط. له طريقة خاصة في النظر إلى شخوصه، في الاقتراب منهم من دون أن يخترق حميميتهم، في التقدّم نحوهم من دون أن يبتلعهم بعدسته. هذه المسافة هي ما يوفّر الدفء في أفلامه، وما يمنحها ذلك الصدق الجمالي. في مناسبة تكريمه في الدورة الأخيرة من مهرجان تسالونيك للفيلم الوثائقي التي عُقدت الشهر الماضي، كان لنا هذا الحوار معه.

* أصبح للفيلم الوثائقي في الفترة الأخيرة شأن أكبر، خصوصًا في مهرجان برلين، حيث فزت في العام 2023 بجائزة «الدبّ الذهبي» عن فيلمك «على قارب الأدامان». وفي العام التالي نال «داهوميه» الجائزة نفسها. هل تعتقد أن هذا يمثّل اعترافًا بالوثائقي كفنّ لا يقلّ أهميةً عن الروائي؟

– أعتقد أن الأمور تغيّرت خلال السنوات العشرين الأخيرة. أصبح هناك، أقلّه في فرنسا، عدد كبير من الأفلام الوثائقية التي تخرج في الصالات، ما يعني أن هذا النوع بدأ يُنظر إليه ككيان مستقل، في حين كان يُعتبَر سابقًا مجرد أداة لنقل المعلومات. أشبه بفنّ ثانوي مرتبط أكثر بالإعلام. لا يزال هذا التصوّر قائمًا إلى حدّ ما، لكنه لم يعد قاعدة عامة، خصوصًا بعد الاعتراف الذي ناله بعض الوثائقيات.

نيكولا فيليبير
On the Adamant (2023)

* هناك أيضًا أشكال سينمائية هجينة تجمع بين الوثائقي والروائي.

– بلا شكّ. الحدّ الفاصل بين الوثائقي والروائي هش جدًا. أقول دائمًا إن الوثائقي شكل آخر من أشكال صناعة الخيال. لماذا؟ لأن تصوير الواقع يعني إعادة تشكيله. إنه إعادة تفسير وإعادة كتابة متواصلة. لا يوجد وثائقي يعكس الواقع كما هو تمامًا. بل سأقول أكثر من ذلك: مجرد وصول الكاميرا إلى مكان معين يغير من طبيعة المشهد. مخرج الوثائقي لا يكتفي بالتقاط مشاهد من الواقع كما هو. بمجرد وجوده في المكان، وحتى من دون أن يطلب شيئًا محددًا من الشخصيات، فإنه يؤثّر في الأحداث، ويخلق ديناميكية جديدة. مجرد وجود الكاميرا، يجعل البعض يتصرف بشكل مختلف، يؤدي دورًا أو يشارك في التجربة السينمائية بطريقة ما. يصبح الأشخاص جزءًا من مشروع المخرج، يحاولون تلبية توقّعاته ويقدّمون له شيئًا من أنفسهم.

* الإنسان هو دائمًا في صميم رؤيتك السينمائية. ليس مجرد عنصر في المشهد، بل المحور. يمكن القول إنك مراقب كبير للطبيعة البشرية. حدّثني عن هذا الجانب من عملك.

– إني متأثّر بشدّة بمصير الإنسان، وأقولها بتواضع. أشعر بالارتباط بالكائنات الحيّة، وخاصةً البشر. تثيرني تعقيدات النفس البشرية، صراعاتها، أبعادها المختلفة. باختصار: الكوميديا الإنسانية وفق المعنى البالزاكي. ما يهمّني هو الناس، أقراني، من يشبهونني. نعم، إني مهتم بهم.

* هل تنطلق من مبدأ محاولة فهم الإنسان بشكل أفضل من أجل احتقاره في ما بعد، كما يعتقد بعض الفلاسفة والكتّاب؟

– لا يتعلّق الأمر بازدراء الآخر، ولا بزيادة الكراهية ولا حتى بزيادة الحبّ، بل بمحاولة استيعابهم. أودّ أن أفهم مَن نحن، وما نحن عليه، ولماذا نتصرف بهذه الطريقة أو تلك، وما الذي يحركنا ويؤثّر فينا. هذا ما أسعى إلى استكشافه عندما أتوجّه إلى الآخرين. التقرب منهم هو أيضًا وسيلة لفهم ذاتي. كلّ هذه الأمور مترابطة في عملي.

* لكن هذه العلاقة الخاصة مع الإنسان، لا أعرف إن كان يمكن تسميتها «عطفًاً»، هل هي ضرورية لتصويره؟

– لا، ليس من الضروري الشعور بالعطف تجاه مَن نصوّرهم. يمكن التصوير من دون هذا العطف. أحيانًا أشعر بنوع من الحنان تجاه بعض الأشخاص الذين أمام كاميراتي، لكن هذا ليس قاعدة عامة. هناك أشخاص أضعهم في الفيلم من دون أن يكون لي تجاههم أي مشاعر خاصة. الأمور ليست مترابطة بالضرورة.

* في أفلام مثل «أن تكون ويكون لديك» و«بلاد الصمّ»، تستكشف عوالم شديدة الحساسية. كيف تنجح في بناء علاقة ثقة بالشخصيات؟ أظن أن هذا أمر أساسي.

– محاولة التأسيس لعلاقة ثقة بالشخصيات، من الضروريات. لكن، ليس لإيقاعهم في الخطأ أو استغلال لحظاتهم من دون علمهم أو على حسابهم. سواء تعاطفتَ معهم أم لا، فأنا أحاول أن أتعامل وإياهم باحترام. لأن تصوير شخص ما يعني، إلى حدّ ما، وضعه داخل إطار، تجميده في صورة محدّدة، داخل فضاء وزمن معينين. وهذا يلقي على عاتقي مسؤولية. يجب الانتباه لما نقدّمه، لأن الصورة قد تجرح، قد تسيء، قد تدمّر، وقد تحط من قدر الشخص. لذلك، أحرص على عدم تشويه الأشخاص الذين أصوّرهم، وأحاول أن يكون تأثيري السلبي محدودًا قدر الإمكان.

To Be and to Have (2002)
To Be and to Have (2002)

* عندما تقول انك تحاول ان يكون تأثيرك السلبي محدودًا، فأنت تعترف ضمنيًا أن هناك حدًا أدنى من الضرر.

– لا يمكننا أن نعرف مسبقًا كيف سيؤثِّر عملنا في الأشخاص الذين نصوّرهم. نجهل ما الذي سنتركه وراءنا. قد تكون فرحة، مرارة، حزنًا، غضب، خيبة، سعادة، فخرًا، أو شعورًا بالتقدير. لا يمكن التنبؤ بذلك، فالأمور لا تكون محسومة سلفًا. قد تكون نيّاتنا حسنة، ومع ذلك نخون الثقة بلا قصد. هكذا تسير الأمور.

* كيف تختار مواضيع أفلامك؟ أقصد بالأحرى، كيف تدرك أن موضوعًا معينًا يستحق أن تعمل عليه لسنة أو سنتين على الأقل؟

– أفلامي هي التي تختارني. أو لأقولها بشكل آخر: لا يشغلني اختيار الموضوع في ذاته. الموضوع ليس هو العنصر الأساسي عندي. أفضّل أن أستبدل مفهوم «الموضوع» بمفهوم «المشروع». ما يهمّني هو أن يكون هناك وعد بشيء ما حين أباشر التصوير. لا أبحث عن «موضوع جيد»، ولا أعرف ماذا تعني هذه العبارة. أنا لا أميّز بين ما هو «موضوع جيد» وما ليس كذلك. ما يحركني هو الإحساس بأن شيئًا ما سيولد قبالة الكاميرا. السينما التي أنجزها ليست مبنية على فكرة «الموضوع»، بقدر ما هي قائمة على «اللقاء».

نيكولا فيليبير
نيكولا فيليبير

* الأشخاص الذين قدّمتهم في أفلامك، والذين تعرفنا إليهم من خلالك، هم غالبًا ممّن لا تُسمع أصواتهم في الإعلام التقليدي أو في السينما الجماهيرية. هل تنسب إلى السينما وظيفة اجتماعية؟ أتؤمن بهذا الدور؟

– إلى حدّ ما، نعم. أعتقد أن السينما يمكن أن تساهم في التغيير. لكنها لن تغيّر وجه العالم. قد تغيّر المتفرج. هي تساعدنا في النظر إلى الأمور من زاوية أخرى، وتفتح أعيننا على الواقع، تجعلنا نرى بوضوح أكثر. نعم، الأفلام، الكتب، الأعمال الفنية بشكل عام، يمكن أن ترفع من وعينا، أن ترتقي بنا، أن تمنحنا القوة لمواجهة الحياة، أن تساعدنا في تحمّل قسوة العالم. أعتقد أن الفنون تمنحنا القدرة على الاستمرار وسط العنف المستشري. ما الذي يجعلنا نصمد؟ أحيانًا الأصدقاء، أحيانًا الحبّ وأحيانًا الفنّ.

* على غرار فريدريك وايزمان—لا أدري إن كنت تحبّه، أنا شخصيًا معجب به كثيرًا، ولا أظن أن أحدًا لا يحبّه…

– أنا أيضًا أحبّه. أحبّ سينماه وكذلك شخصه.

* لنعد إلى السؤال إذًا: على غرار وايزمان، لا تذهب إلى التصوير وأنت تملك أفكارًا محدّدة عمّا ستفعله. بالنسبة إليك، التصوير هو رحلة اكتشاف، لأن «الفيلم الوثائقي هو في جوهره فنّ تصوير ما لا نعرفه». أعتقد أن هذه العبارة منك، أليس كذلك؟

– نعم. أنجز الأفلام لأتعلّم، وأظن أن وايزمان أيضًا ينجزها ليفهم العالم من حوله.

* هو يقول دائمًا إنه يصوّر لأنه يريد اكتشاف تعقيدات العالم.

– هذا الأمر ازدادت أهميته اليوم، ذلك أننا نعيش في عالم ثنائي البُعد، تبسيطي، يفتقر إلى التفاصيل والعمق. وايزمان شأنه شأني، مهتم بما هو معقّد، سواء في الطبيعة البشرية أو في المؤسسات التي تشكّل مجتمعاتنا. أتشارك معه هذا الهم تمامًا. لكن، في المقابل، ليس لديّ المقاربة نفسها أو الموقف نفسه في ما يتعلّق ببعض الجوانب من العمل. هو يقول دائماً إن الأشخاص الذين يصوّرهم لا يهتمون بالكاميرا، وأنهم لا يلقون لها بالًا. هذا يشكّل نقطة اختلافي معه. بالنسبة لي، الأمر ليس كما يراه فريدريك. هو يقف على مسافة بعيدة جداً ممّا يصوّره. أما أنا، فمنخرط في الأشياء بشكل مختلف. إذا تحدث إليّ أحد، أجيب. إذا ناداني، لا أتجاهله. الأشخاص الذين أصوّرهم قد ينظرون أحيانًا إلى الكاميرا، وهذا لا يزعجني.

نيكولا فيليبير
نيكولا فيليبير

* أنت تقول أنك «تعلم أنك لا تعلم». تنطلق من فكرة مفادها أنك لا تمتلك المعرفة المطلقة. وهذا ما يجعل أسلوبك السينمائي مثيرّا، لأنه يقوم على فضول حقيقي.

– الفضول هو أحد محركاتي الأساسية، أحد مصادر طاقتي. إنه الدافع الذي يجعلني أسأل نفسي: ما الذي أفعله هنا؟ ويساعدني في فهم الآخرين. لا أضع نفسي في موقع العالِم أو مَن يعرف كلّ شيء. لا أنجز الأفلام من أجل إثبات فكرة مسبقة أو توضيح رسالة محدّدة. بل أنجزها بخطوات مترددة، كمَن يتلمّس دربه في الظلام. كمَن يتقدّم وسط الضباب. هذه هي طريقتي. لو تبدد الضباب، لأصبح الطريق أقل إثارةً.

* هل المسافة التي تحافظ عليها أثناء التصوير، سواء حيال الشخصيات أو الموضوع، مهمّة بالنسبة لك في السينما الوثائقية؟

– أبقى على مسافة معينة. يمكن القول إن الإخراج هو في ذاته شكل من أشكال خلق المسافة. لكن، كيف يمكننا قياس هذه المسافة؟ هي ليست ثابتة، تختلف وفق الظروف. أنا شخص متحفّظ في طبيعتي. لا أقتحم المساحات ولا أفرض نفسي. إذا رفض أحد أن يُصوَّر، لا ألحّ عليه، أحترم رغبته. في المقابل، غالبًا ما يكون هناك نوع من «تواطؤ»، أو على الأقل تفاهم، بيني وبين الأشخاص الذين أصوّرهم.

* أنت لا تظهر في أفلامك، خلافًا للكثير من المخرجين الذين يجعلون من أنفسهم نجوم سينماهم.

– لا أحب الظهور على الشاشة. لكن في بعض الأحيان يمكن سماع صوتي.

* لا تتبع أسلوب مايكل مور، مثلًا.

– لا، مايكل مور يقدّم أفلامًا تمجّد نفسه إلى حدّ ما.

* في المهرجانات، يُختار الكثير من الأفلام الوثائقية بناءً على مواضيعها، رغم أن بعضها يفتقر إلى القيمة الفنية. ما رأيك بهذه الظاهرة؟

– ما يهمّني هو الشكل لا الموضوع. فان غوغ لم يُنتقَد لأنه رسم كرسيًا، إنما بسبب الطريقة التي رسمه بها. وهذا ما هزّ عالم الفنّ فجأةً. الأسلوب الذي رسم به الكرسي، وليس الكرسي في ذاته. في النهاية، الأفلام التي تعمّر في الذاكرة، والتي تستمر في التأثير فينا، هي تلك التي تطرح أسئلة، أسئلة تزعجنا، تربكنا، تفتح أعيننا، تصدمنا، تحرك مشاعرنا، وليس تلك التي تعتمد على القضايا. يُمكن إنجاز فيلم رائع انطلاقًا من موضوع بسيط، وفيلم سيئ من موضوع عظيم.

* لقد أنجزتَ أفلامًا عن التعلّم والتعليم. هذا الموضوع يحتل مكانة خاصة في مسيرتك السينمائية.

– موضوع التعلّم هو شيء صوّرته أكثر من مرة وأحببتُ تصويره، لأنه في جوهره رحلة نحو المجهول. محاولة استكشاف، تجعلنا في حالة تأهّب مستمرة. التعلّم قد يصبح تجربة مربكة. اكتساب المعارف الجديدة يضعنا في موقع الضعف، وهذا ما يثير الخوف. تصوير أطفال في المدرسة أو طلاب تمريض كما في أحد أفلامي السابقة، ما هو سوى فرصة لرصد لحظات من الهشاشة، من المشاعر، من السعي والفشل، من عبور الحواجز والتقدّم. وهذه اللحظات كثيرًا ما تكون جميلة سينمائيًا.

In the Land of the Deaf (1992)
In the Land of the Deaf (1992)

* سينماك ليست سياسية، ولكن في الحين نفسه، كلّ شيء مرتبط، بمعنى أو بآخر، بالسياسة في مفهومها الأوسع.

– أعتقد ان أفلامي سياسية، ولكن بالمعنى العميق.

* لكنك لا تذكر الأحداث السياسية بشكل صريح. ولا توجد فيها معلومات سياسية.

– لا، لا أبحث عن ذلك. أسعى ان أكون قادرًا على الاستمرار في الزمن. إذا صوَّرتَ أحداثًا مرتبطة بالآني، فستصبح أفلامي قديمة بسرعة. لديّ صديق أنجز فيلمًا عن حملة انتخابية، وعندما عُرض بعد عام من حدوث الانتخابات، لم يذهب أحد إلى مشاهدته، لأن الناس لم تعد لديهم رغبة في العودة إلى أحداث تطرق إليها الإعلام طوال أشهر.

 يجب ألا ننسى أنك تعيش في فرنسا، بلد ليس فيه الكثير من المشاكل مقارنةً ببلدان العالم الثالث. هل يلهمك مجتمع حافل بالمشاكل؟

– هذا يعتمد على المواقف. عندما أنجزتُ فيلمًا في معهد لتدريب الممرضين، كان يمكنني تصويره في بلد آخر، اذ لم يكن مرتبطاً بشكل مباشر بتقلّبات العالم. لكن، إذا أنجزتُ فيلمًا عن الهجرة، فهذا موضوع ذو صدى دوليًا.

لا أرى ان موضوع الهجرة مرتبط بنهج نيكولا فيليبير. لا أراك في ذلك، لا أعرف، قد أكون مخطئًا، لأنك دائمًا ما تكون… أقصد لا تحب استغلال القضايا…

– هناك عدة طرق لتناول هذه القضايا. قضية المنفى، المنفى الداخلي، حواجز اللغة، الانوجاد بين ثقافتين… هذه أمور تهمّني كثيرًا، لأنني مشغول بمسألة العيش المشترك، حتى وإن كانت هذه العبارة قد أصبحت مبتذلة، لكنها في النهاية، محور أفلامي كلها. كيف نحاول العيش معًا؟ المدرسة أول مكان تتكوّن فيه العلاقات الاجتماعية خارج الأسرة. فجأةًَ، علينا أن نتعامل مع تطلّعات الآخرين، مع أطفال لديهم رغبات تختلف عن رغباتنا.

اقرأ أيضا: إريك رومير… سر سينماه في عيني الناظر

شارك هذا المنشور

أضف تعليق