أطلّ نجم هوليوود الشهير جيريمي رينر على جمهوره خلال الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة. «رينر» الذي يحمل رؤية سينمائية متنوعة وأداء يمزج بين العمق والحيوية، استطاع أن يترك بصمته في قلوب عشاق السينما حول العالم، سواء عبر أدواره في الأفلام الدرامية الثقيلة مثل («Arrival»، 2016)، لدينيس فيلنوف أو من قبله («The Hurt Locker»، 2006) لكاثرين بيغلو، الدور الذي منحه الكثير من الجوائز العامة في فئة التمثيل، وأبرزها كانت من الجمعية الوطنية الأمريكية للنقاد السينمائيين، نقاد شيكاغو وبوستن ولاس فيغاس، وصولًا لجائزة الساتلايت.
وأيضًا أدواره التي لا تُنسى في («Wind River»، 2017) لتايلور شيريدن، و(«American Hustle»، 2013) لديفيد أو راسل الذي كسب من خلاله جائزة نقابة ممثلي الشاشة وغيرها من الأدوار. بجانب شخصيته المحبوبة للأطفال والكبار «Hawkeye» ضمن عالم مارفل السينمائي، والتي لعبها لسنوات في سلسلة «The Avengers» منذ مشهده الأول في فيلم «Thor» قبل 13 عامًا.
في فاصلة التقينا بجيريمي رينر، ابن كاليفورنيا ذو الـ53 عامًا، وكان لنا معه هذا الحوار الذي كشف فيه عن فلسفته في الحياة والفن، وتحدث عن التحديات التي صقلت شخصيته كممثل، وعن الأدوار الأقرب إلى قلبه، وسر التنوع في شخصياته.
بداية الحديث كان عن انتقاء أدواره الفنية، وكيف يختار بين العروض التي يتلقاها، حيث قال: «الأمر بالنسبة لي يختلف من دور لآخر، فبعضها يتطلب تدريبًا بدنيًا مُكثفًا قبل حتى أن تبدأ في العمل. والبعض الآخر يتطلب استكشافًا داخليًا مُعمقًا لشخصيتك التي ستلعبها».
أضاف: «كل دور له طريقته الخاصة، إنه مثل الحمض النووي، فكل واحد ينفرد عن الآخر. لا توجد طريقة واحدة صحيحة للتحضير لشخصية قبل أن تلعبها في قاموسي. عليك فقط أن تبذل الجهد للوصول لها، بطريقة أو بأخرى. أحيانًا يكون العمل بدنيًا، وأحيانًا يكون ميّال أكثر لما هو نفسي. الأمر كله يتوقف على السيناريو.»
أما عن تجاربه في عالم «مارفل»، فوصفها «رينر» بأنها أشبه بـ«الكرنفال»، وأوضح قائلًا: «إنه كرنفال مليء بالمرح. حفلة تنكرية. عالم مارفل بالنسبة لي مليء بالمحبة بين الممثلين داخله. وخارج كل هذا تجد أن له قاعدة جماهيرية واسعة وعظيمة من محبي عالم القصص المصورة.»
تابع: «إنه شرف كبير لي وفضل أن أكون جزءًا من هذا العالم الذي يتمتع بهذا الجمهور الرائع وبالشخصيات الغنية والمميزة. وفي جوهره، هو عبارة عن دراما عائلية كبيرة، وبالطبع تتسنى لنا فرصة ارتداء أزياء غريبة ونتظاهر حينها بأننا أبطال خارقين حقيقيين. إنه لأمر مذهل للغاية.»
أما عن أكثر الأدوار قربًا إلى قلبه فكانت اختياراته قريبة لمفضلات الجمهور، حيث قال: «أعتقد أن الأدوار التي استمتعت بها كثيرًا تشمل فيلم «Wind River»، الذي يُعتبر واحدًا من أفلامي المفضلة. كذلك خزانة الألم و ذا تاون. أما فيلم وصول، فهو ليس بسبب الشخصية التي لعبتها تحديدًا، بل لأن الفيلم ككل كان استثنائيًا. المخرج ديني فيلنوف رائع للغاية، والفيلم هو عمل فني جميل جدًا ومؤثر. هذه هي الأدوار التي أفتخر بها.»
وبعيدًا عن أخباره الفنية، وأدواره التي يعرفها الأغلبية، كشف لنا جيرمي رينر عن ثلاثة أشياء عنه لا يعرفها الكثيرون، الإجابة التي وجدها صعبة حيث قال مازحًا: «ثلاثة أشياء لا تعرفونها عني؟ حسنًا، هذا سؤال صعب، لأنني بحاجة إلى معرفة ما تعرفونه عني لأتمكن من إخباركم بما لا تعرفونه، ولكن، سأحاول.»
وعن تلك الأمور غير الشائعة عنه قال: «أولاً، ربما لا يعرف الكثير أنني شخص كتوم للغاية. أحب أن أبقي الأمور منفصلة وأحافظ على خصوصيتي. ثانيًا، يمكنني القول إن الحب الأول في حياتي هو ابنتي. أنا أقدّر عائلتي كثيرًا، وإن لم يكن هناك شخص في المرتبة الثانية، فقد يكون عملي. أحب عملي بشدة، فهو يمنحني فرصة للعيش في عالم الخيال وتجسيد الشخصيات. إنه أمر رائع ومميز، ومن النادر أن يحصل شخص على فرصة كهذه. ثالثًا، على الرغم من أنني قد أبدو مختلفًا أحيانًا، إلا أنني شخص حساس للغاية، صادق ومنفتح بشكل كبير، ولا يعلم الكثيرون ذلك عني.»
سؤال آخر عن حياته، كان مضمونه ما هو النصيحة أو الدرس الذي تعمله في الحياة ويريد مشاركته معنا فكان رده: «درس في الحياة؟ حسنًا، لدي قائمة من الدروس التي أحاول أن أعيد تعلمها كل يوم لأنها تتغير مع الوقت. أعتقد أن «تخطي عقباتك الداخلية» هو درس رائع. عندما تتجاوز نفسك وتتخلص من القيود التي تضعها على نفسك، يمكنك أن تكون منفتحًا على كل شيء، وستجد أن الحياة قد تقدم لك الكثير. الكون سيمنحك كل شيء تحتاجه حينها. المشكلة أننا غالبًا ما نكون العائق أمام أنفسنا عندما نحاول تحقيق شيء ما، لأننا نحاول تحقيقه فقط لأنفسنا. أريد أن أفعل شيئًا لي أنا. ولكن عندما أتجاوز نفسي وأتخلى عن هذه العقلية، أجد أن الله والكون يفتحان لي أبوابهما بشكل جميل جدًا. هذا درس جميل.»
وفي نهاية الحوار طلبنا منه مشاركتنا بأفلامه التي يشاهدها لتحسين مزاجه، وكانت إجابته مُلهمة: «ما هي الأفلام التي رفعت معنوياتي كثيرًا؟ لا أعتقد أنني شاهدت فيلمًا من هذه النوعية مؤخرًا… ولكن في الواقع، أعتقد أنني كنت أشاهد أفلامًا مرعبة وربما وثائقيات. نعم إنها ليست من النوع الذي قد يجعلك سعيدًا».
أضاف: «لكن هناك وثائقي قد ألهمني كثيرًا. لا أقول إنه يجعلك ترقص من السعادة، لكنه وثائقي رائع عنوانه Heal يتحدث عن قوة الشفاء باستخدام العقل، وكيف يمكننا شفاء أجسادنا من خلال أفكارنا. إنه وثائقي مذهل جدًا يبدأ بشكل بسيط، لكنه يتوسع ليظهر كيف أصبح الكثيرون اليوم جزءًا من هذه الفكرة. يمكننا أن نشفي أنفسنا، وأعتقد أن هذا شيء مُلهِم للغاية.»
أقرأ أيضا: «تيري فريمو» مدير مهرجان كان: السينما هي آخر الاختراعات الكبرى