عامًا بعد آخر تواصل المخرجة السعودية جواهر العامري حضورها المميز عربيًا فحققت بفيلمها القصير الثالث «انصراف»، جائزة لجنة التحكيم الخاصة، بعد عرضه الأول في العالم العربي ضمن فعاليات الدورة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في مسابقة الأفلام القصيرة، وفاز قبلها في مهرجان هوليوود للأفلام القصيرة بجائزتي أفضل مخرجة وأفضل ممثلة.
ليست تلك المرة الأولى التي تقف فيها جواهر على خشبة مسرح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لتتسلم جائزة عن أعمالها، فهي منتجة الفيلم القصير «من يحرقن الليل» للمخرجة سارة مسفر، والذي حصل على تنويه خاص من لجنة التحكيم بالمهرجان عام 2020، وقد شارك في عدد من المهرجانات أبرزها الحضور في مهرجان قرطاج التونسي وحصول الفيلم على على جائزة السينما الواعدة في المهرجان السينمائي التونسي العريق.
كما كانت جزءًا من فيلم «بلوغ» الذي افتتح مسابقة «آفاق السينما العربية» في مهرجان القاهرة السينمائي عام 2021، وشاركت فيه مع أربع مخرجات سعوديات، قدمت كل منهن قصة متعلقة بالمرأة، وكانت قصة «العامري» باسم «مجالسة الكون»، والتي تناولت فيها مرحلة البلوغ عن الفتيات، القضية التي قدمتها بواقعية شديدة، ونجحت في نقل تساؤلات ومشاعر الفتيات في تلك المرحلة من خوف وقلق وارتباك ومحاولة لفهم ما يحدث لهن، وسط سطوة الكبار.
عملت جواهر العامري أيضًا كمديرة إنتاج في الفيلم الطويل “أربعون عامًا وليلة” والذي شارك في مهرجان مالمو للفيلم العربي عام 2021، وأخرجت الفيلم القصير «سعدية سابت سلطان»، والذي حاز على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان أفلام السعودية بجانب عملها مع العديد من المخرجين السعوديين كوائل أبو منصور و محمود صباغ.
البداية كانت من الأفلام المصرية
علاقة جواهر بالسينما، بدأت منذ طفولتها، فلم يكن انشغالها بالفن وليد الصدفة، حيث تربت ونشأت على الأفلام المصرية، حسبما صرحت في حوارات سابقة، مثلها كالكثيرين لكن ذلك السحر الذي تلقيه شاشة السينما قد أصابها، وجعلها تتجه ترتاد كلية الفنون السينمائية في جامعة عفت.
وبدأت مسيرتها في الإخراج خلال عامي 2016 و2017، وسط تحديات لوجستية كانت تواجهها النساء في مجال السينما بالسعودية بل وصناع الأفلام في المملكة في ذلك الوقت.
تأثرت جواهر بمخرجين كبار أبرزهم محمد خان، ويوسف شاهين، أما عن ملهما فكان أستاذها الجامعي عبدالرحمن خوج، الذي يعود إليه السبب في خروج فيلم «انصراف» إلى النور، حيث كان الفيلم مجرد مشروع لها في عامها الدراسي الأخير بالجامعة، وقد اقترح عليها تحويله إلى فيلم وقد عملت عليه على مدار ثمان سنوات، أربعة منها للكتابة والبحث عن الإنتاج.
الإنسان همها
في فيلمي «بلوغ» و«انصراف» ذهبت جواهر لجوانب عميقة في مشاعر الفتيات تحاول النبش والبحث فيها أفكار وجودية مربكة تنشأ بسبب بيئة محافظة أبوية.
مما قد يصنفها ويجعلها في خانة المخرجة المشغولة بقضايا المرأة الأمر الذي ترفضه لأنها ترى نفسها مخرجة تؤرقها المشاعر الإنسانية بشكل عام، الإنسان المُعبء بالهموم والمشكلات، والذي يحتاج لمن يعبر عنها.
ولعل ذلك يظهر في فيلمها «عزيز هالة»، الذي كانت تسلط الضوء فيه على “الرحلة”، رحلة الإنسان الذي يبحث عن نفسه، من خلال قصة زوجين أثرت التغيرات الاجتماعية في السعودية عليهما مما يدفع الزوجة أن تبحث عن ذاتها.
جواهر ما بين الإخراج والإنتاج والفيلم الطويل الأول
تتعدد مواهب جواهر العامري، فبجانب الإخراج قد أنتجت، وكتبت سيناريو لأعمال لها أيضًا، وذلك بعلم ودراسة، حيث درست في الجامعة كتابة السيناريو، وحصلت على عدد من ورش الكتابة الهامة، مما يبشر بميلاد مخرجة حقيقية وسط جيل من المخرجات السعوديات اللواتي تمنحن الأمل في التجارب النسائية في السينما العربي.
اقرأ أيضا: «انصراف».. قراءة في مشروع سينمائي يتشكل