غرّد وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان متحدّثًا باقتضاب عن فتح مكاتب لتسويق الأفلام السعودية في كلٍّ من الصين، الهند، وكوريا الجنوبية قريباً، وأتبعت تغريدته خلال زيارته بكين، بإعلان لتعزيز التعاون الثقافي بين المملكة والصين، عبر شراكات واتفاقات مهمة وتعاون سعودي صيني في قطاع الأفلام. ومن المتوقع أن يكون مردود هذه الخطوة كبيراً للغاية، لأنها تفتح أبواب الانتاج والاستثمار في مجالات وقطاعات لم تكن موضع تفكّر أو اهتمام سابقًا.
مكاتب لتسويق الأفلام السعودية في 🇨🇳🇮🇳🇰🇷 .. قريبا ⏳.#رؤية_السعودية_2030
— بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود (@BadrFAlSaud) October 16, 2024
وعلم أن مكاتب تسويق الأفلام السعودية في البلدان الثلاثة لن تكون مجرد مكاتب ترويجية فحسب للأعمال السعودية، بل ستفتح سوقاً إضافية للأفلام السعودية، بحيث لا تعود مقتصرة على عروض سينمائية تنتظر إقامة مهرجان من هنا، أو نشاط احتفاليّ من هناك. ومن شأن ذلك أن يطوّر آفاق التعاون في هذا المجال، بما قد يومئ إلى احتمال قيام مشاريع سينمائية مشتركة، وتأسيس شركات، وتبادل الخبرات بشكل مستديم في القطاع السينمائي.
وإذا كانت هذه الخطوة تنطوي على مغزى، فإن التوجه شرقاً نحو أسواق البلدان الثلاثة سيساعد في وصول الأفلام السعودية إلى ملايين المشاهدين حول العالم، في ضوء الكثافة السكانية الكبيرة في كلّ من الصين والهند، ونظرًا إلى النسبة المرتفعة لحضور الأفلام في الصالات السينمائية في كوريا الجنوبية وفق الإحصائيات العالمية، مما يعني أن إعلان تعزيز التعاون ليس من باب المجاملات الديبلوماسية، وهو لا يأتي اعتباطًا أو وليد المصادفة، إنما ثمرة دراسات معمقة للأسواق.
خطوة فتح هذه المكاتب، من شأنها أن تشكّل موطئ قدم لصنّاع السينما السعودية في المشرق الآسيوي، الأمر الذي سيمكّنهم من توسيع مروحة موضوعاتهم واهتماماتهم، إنتاجًا وتسويقًا. كما أن هذه الخطوة ستفتح الباب لتعريف الجمهور في الصين والهند وكوريا الجنوبية بالسينما السعودية، من خلال إتاحة دبلجة الأفلام السعودية وترجمتها لتُعرض في الصالات، بما يشكل قيمة إضافية للمنتجين والموزعين ويفتح أمامهم أسواقاً إضافية.
وإذا كان الوقت الذي سيستغرقه عرض الأفلام السعودية أمام جمهور هذه البلدان لن يكون طويلاً، إلا أن الفرصة ستتاح لعرض انتاجات السينما السعودية على المنصات الإلكترونية الخاصة بعرض الأفلام في هذه البلدان، بما سيساهم في لفت انتباه الجمهور إلى الأفلام السعودية، ويساعد في إتاحة عرضها مستقبلاً في صالات السينما.
ثمة جانب بالغ الأهمية في هذا التعاون، ذلك أن مواقع التصوير في السعودية بالعلا ونيوم ومختلف مدن المملكة ستكون حاضرة بقوة على أجندة صنّاع السينما في البلدان الثلاثة بفضل برامج الترويج الخاصة بهذه المواقع، فضلًا عن الحوافز والتسهيلات الكبيرة التي ستمنح لهؤلاء الصنّاع عند التصوير في السعودية، بما سيشكل فرصة حقيقية لبروز اسم المملكة سينمائياً لدى صنّاع السينما العالميين.
توفر خطوة المكاتب الترويجية فرصة حقيقية على المدى الطويل للسينما السعودية في الشرق الآسيوي وفي العالم، وخصوصًا من خلال الانخراط البنيوي على مستوى الشراكات الإنتاجية المختلفة التي يمكن أن تنشأ بين الشركات السعودية ونظيراتها في الدول الثلاث.
وليس من قبيل المصادفة أن تبدأ هذه الخطوة من الصين، حيث للسينما تاريخ ممتد يعود إلى أوائل القرن الماضي، علمًا أن صناعة السينما في الصين شهدت تغيرات كبيرة وطفرة في السنوات الأخيرة مما جعلها تنافس على الجوائز العالمية في المهرجانات الكبرى، وقد تطورت هذه الصناعة بشكل لافت، وخصوصاً على مستوى الصورة والأكشن والمشاهد المنفذة في أفلام الفنون القتالية.
وباتت السعودية تعدّ اليوم في ضوء «رؤية 2030» من أبرز الأسواق الناشئة على مستوى الإيرادات في المنطقة، وتعتبر سوق السينما السعودية من أسرع الأسواق نمواً في العالم، مع زيادة الإيرادات في شباك التذاكر، حيث تتجاوز نسبتها تلك المتحققة في الولايات المتحدة على سبيل المثل، ولا سيما بعد فتح آلاف دور العرض أمام الجمهور في السنوات الأخيرة.
إعلان فتح المكاتب في البلدان الثلاثة هو البداية، في رؤية أوسع تضمن حضوراً للسينما السعودية كماً ونوعاً في الأسواق العالمية بعد النجاجات التي سجلتها في أهم المهرجانات العالمية.
اقرأ أيضا: بالتفاصيل.. شباك التذاكر السعودي يقترب من 500 مليون ريال في النصف الأول من 2024