فاصلة

مراجعات

«ساحة المعركة»… فيلم عن أهوال الحرب العالمية

Reading Time: 2 minutes

في عام 1918، في نهاية الحرب العظمى، يعمل ضابطان طبيبان، صديقا طفولة، في المستشفى العسكري نفسه. جوليو (غابريال مونتيسي)، الآتي من عائلة من عليّة القوم، لديه روح قومية، يريد أن يشفي الجرحى وإعادتهم إلى ساحة المعركة بأقصى سرعة، حتى لو كانوا مبتوري اليدين. صديقه ستيفانو (أليساندرو بورجي)، أكثر تفهماً، يعطي الجرحى كل ما يحتاجونه من وقت للشفاء. ومعهما أيضاً آنا (فيديريكا روسيليني)، الممرضة وصديقة الاثنين. 

في هذا المستشفى، يحدث شيء غريب، هناك من يساعد بعض المرضى لتتفاقم حالتهم الصحية حتى لا يعودوا إلى المعركة، فيذهبوا إلى منازلهم. هؤلاء الجنود على استعداد للبقاء مقعدين أو عمياناً لكي يذهبوا إلى البيت بدلاً من الجبهة. تكتشف آنا بوجود مخرّباً في المستشفى مع نهاية الحرب، حين كانت الأنفلونزا الإسبانية تنتشر مسبّبةً ضحايا أكثر من الحرب. 

أليساندرو بورجي من فيلم  «ساحة المعركة»
أليساندرو بورجي من فيلم «ساحة المعركة»

بالكاد يمكن رؤية الجبهة في فيلم «ساحة المعركة» (Campo di Battaglia)، المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية. تدور أحداث الفيلم بشكل رئيسي في المستشفى العسكري، حيث البعد الخانق لسينما الإيطالي جياني إيميليو، تتسم بنظرة المخرج إلى هذا المكان الضيق المليء بالجرحى والجروح والدماء والصراخ والروائح. 

إيميليو مهووس بالتفاصيل، وفيلمه الجديد يقترب من السينما التاريخية أكثر من السينما الحربية، مع خوف من المستقبل واضح في كل مشهد. والموت ذو وجود محسوس من البداية إلى النهاية. 

فيلم «ساحة المعركة» كلاسيكي في طريقة تصويره، في برودة شخصياته، وفي حواراته. وإيميليو يترك الحرب الدائرة بعيداً قليلاً ويركز على أهوالها الجسدية والبشرية، في فيلم غير مثالي، لكنه قادر على إظهار الإنسانية الجريحة التي يتكلّم عنها، والأهوال والأمراض التي دارت حول الحرب العالمية الأولى. 

مع ذلك، يترك الفيلم أجوائه غير مكتملة، وينحرف بشكل حادّ في الجزء الثاني منه، ونصبح أمام شيء مختلف تماماً. مثير للاهتمام بالقدر نفسه، لكنّه يحول الانتباه إلى موضوعات مختلفة، مما يعطي إحساساً بأنّنا أمام فيلمين مختلفين مدمجين معاً من خلال استغلال التواصل الزمني والتداخل بين الموضوعات الذي حدث في تلك الفترة. 

كلا نصفي «ساحة المعركة» يتمتع بقيمة حقيقية، كلاهما يروي لحظة مهمة في التاريخ، وكان ممكناً تطوير كل جزء على حدة، ليصبحا مشروعين مستقلين، مما يمنح القصة نطاقاً أكبر. 

خسر الفيلم الكثير بسبب هذا التنقل بين القصتين، وكان الانتقال من الأولى إلى الثانية غير سلس ولا عملي. نعم هناك تطابق في الشكل والتمثيل طوال مدة الفيلم، وهناك والإيقاع والنبرة الهادئة الموجودة دائماً، رغم فظاعة ما يروى. لكن الفيلم لم يعد بالقوة التي بدأ فيها. جعلنا مشتتين منتظرين أن نعود إلى حيث بدأ، ولكنه يتركنا بلا نهاية تقريباً.

«ساحة المعركة» فيلم جيد الصنع، فيه روح مخرجه الهادئة، لكنه يضيع بين الأحداث والأيديولوجيات والانتصارات والقومية الإيطالية، حتى تأتي الانفلونزا الإسبانية، وتقضي على كل شيء، حتى على الفيلم نفسه!

اقرأ أيضا: «سودان يا غالي»… كيف يدفعك الانبهار بحدث إلى الفشل في قراءته؟

شارك هذا المنشور