بعد ستة وثلاثين عامًا على فيلمه بيتلجوس Beetlejuice» 1988»، وخمس سنوات على فيلمه الأخير دامبو Dumbo» 2019»، يعود المخرج الأمريكي تيم بيرتون بفيلم جديد قديم، افتتح الدورة الحادية والثمانين لمهرجان فينيسيا “البندقية” مساء أمس الأربعاء.
كما يشير عنوانه، فـ بيتلجوس بيتلجوس «Beetlejuice Beetlejuice» هو الجزء الثاني من الفيلم الذي طُرح عام 1988، وأصبح منذ ذلك الوقت أحد أهم أفلام الرعب الكوميدية، وأحد أكثر أعمال الممثل مايكل كيتون جنونًا ومتعة وخفةً.
في الجزء الثاني، يعود كيتون إلى دوره المفضل، أي الشبح بيتلجوس، الذي لا يزال يسعى إلى الخروج من عالم الأموات إلى عالم الأحياء، والزواج من ليديا ديتز (وينونا رايدر).
لا أخفي سرًا أنني كنت من أشد المنتظرين لفيلم تيم بيرتون الجديد. هذا المخرج المشهور بأفلامه المضحكة المرعبة والفانتازية، قدم لنا أفلامًا مثل باتمان «Batman» عام 1989 وإدوارد سيزورهاندس «Edward Scissorhands».
دخلت إلى الصالة لمشاهدة الفيلم في العروض الصباحية، لأخرج منها خائبًا، غير مبال بما شاهدت. لا يزال الفيلم يحمل إلى حد ما روح بيرتون وشخصية بيتلجوس، وأيضًا جميع الشخصيات القديمة بالإضافة إلى شخصيات جديدة. ولكنه يفتقر إلى الأفكار الجديدة، كأننا نشاهد فيلمًا لمخرج لا يعرف ما الذي يقدمه، وهذه لم تكن حال بيرتون في أيّ من أفلامه القديمة.
تدور أحداث الفيلم الجديد حول ليديا (وينونا رايدر)، التي تعمل الآن مضيفةً لبرنامج عن صيد الاشباح. بعد وفاة أبيها، تعود ليديا ووالدتها ديليا (كاثرين أوهارا)، وابنتها استريد (جينا أورتيغا) التي لا تؤمن بالأشباح، وحبيبها ومدير إنتاج برنامجها روري (جاستن ثيرو)، إلى منزل وينتر ريفر القديم الذي بدأت جميع أحداث الفيلم الأول فيه. لنراه اليوم بيتًا مهجورًا. بعد وفاة الوالد، يعودون من أجل الدفن وبيع البيت والانتهاء كليًا من ماضيهم. ولكن بيتلجوس الشبح لا يزال في البيت ويريد تحقيق حلمه القديم بالزواج، خاصة أنّ لديه دافعًا جديدًا للخروج من عالم الأموات، وهي دلوريس (مونيكا بيلوتشي) الشبح التي تمتصّ الأرواح وتسعى إلى الانتقام من بيتلجوس، زوجها السابق.
بعدما مزج الجزء الأول الرعب بالخيال القوطي بأسلوب فريد من نوعه، ومزج اللاحياة، أي الحياة بعد الموت، بالحياة الحقيقية، بطريقة طفولية مضحكة، مخصّصة للكبار، وصنع عالمًا سورياليًا يعكس التباين بين الحياة والموت، والطبيعية والغرابة، جاء الجزء الثاني لينسف كل هذا. حتى خيال بيرتون الباذخ بدا هنا باليًا، حتى التصميم المرئي، بدا كأنه عفا عليه الزمن.
«بيتلجوس بيتلجوس» فيلم غير متوازن، مع لحظات من الفكاهة المملة أو غير المضحكة، حتى الفكاهة السوداء غير ناجحة، ناهيك بأنّه ليس «مقرفًا» (كما تميز الفيلم الأول). جاء الجزء الجديد بحبكة تبدو كأنها كتبت على عجل، فبدا الفيلم غير متماسك مع نهاية فقيرة نوعًا ما. كل ما بناه الفيلم على مدى ساعة وربع الساعة تقريبًا، نهاه بخمسة عشر دقيقة بطريقة ساذجة.
«بيتلجوس بيتلجوس» لا يرتقي إلى جزئه الأول. أجمل لحظاته هي الفقرة الغنائية قرب نهاية الفيلم، ودودة الصحراء التي تلتهم كل من يخرج إلى الصحراء كما في فيلم «كثيب Dune» الآتية أيضًا من الفيلم الأول. عدا عن ذلك، فهو عبارة عن فراغ كبير، حتى إنّك لا تستمتع بمشاهدته. أتمنى ألا نكون بحاجة لذكر بيتلجوس ثلاث مرات، ولا أن نرى جزءًا ثالثًا منه.
اقرأ أيضا: «أجورا»… ديستوبيا الأزرق