فاصلة

حوارات

هاني أبو أسعد: الرهان على الموهبة هو السلاح الأقوى

Reading Time: 4 minutes

بلمسة من الواقعية القاسية والحس الفني الرفيع، يخطّ المخرج الفلسطيني العالمي هاني أبو أسعد مسيرة استثنائية في عالم السينما، حيث يتقن المزج بين قضايا إنسانية عميقة وإبداع بصري مؤثر. يُعرف أبو أسعد بأعماله التي ترصد روح النضال الفلسطيني وتُلقي الضوء على الكفاح الإنساني، كفيلمه الشهير «الجنة الآن»   وفيلم «عمر» الذي حصل على إشادات واسعة عالميًا، و«صالون هدى» أكثر أفلامه إثارة للجدل، و«القدس في يوم آخر: عرس رنا»، الذي قدمه قبل 21 عامًا، وكان من أوائل الأفلام التي عبرت عنه كمخرج فلسطيني، يحمل أعباء مجتمعه على كتفيه.

«فاصلة» التقت بهاني أبو أسعد، لإجراء هذا الحوار معه، والذي يفتح نافذة على رؤاه السينمائية وتجاربه الشخصية، متحدثًا عن مواجهاته في كواليس هوليوود، ورؤيته لواقع السينما العالمية، وتفاؤله بمستقبل السينما العربية.

 («عمر»، 2013)
(«عمر»، 2013)

أول تعاون مع أحمد مراد

لم يُسجل هاني أبو أسعد حضوره في السينما العربية، منذ 3 سنوات، حيث قدم آخر أفلامه «صالون هدى»، لكنه يستعد للعودة قريبًا، حيث أكد المخرج الفلسطيني استعداده لتقديم مشروع سينمائي في الوطن العربي، سيجمعه مع الكاتب المصري أحمد مراد لأول مرة، مشيرًا إلى أن العمل لا يزال في مرحلة التحضير، حيث إنه مليء بالعديد من التفاصيل التي يجري ترتيبها قبل دخوله حيز التنفيذ.

كواليس «الجبل بيننا»

وقال أبو أسعد في مقابلته مع «فاصلة» إنه فوجئ بالاهتمام الكبير الذي حدث بعد تصريحاته خلال حضوره النسخة الماضية من مهرجان «الجونة السينمائي» حول حدوث صدام بينه وبين إدريس ألبا في كواليس تصوير فيلمهما «الجبل بيننا – The Mountain Between Us» الذي تقاسم بطولته ألبا مع كيت وينسليت وعرض عام 2017.

وأوضح أن سبب الخلاف كان التأخير المتكرر للنجم الأميركي عن مواعيد العمل، مما تسبب في تعطيل فريق التصوير، والذي يضم حوالي 200 فرد، مضيفًا: «عندما يتأخر الممثل دقيقة واحدة، فإنه يؤخر 200 شخص. هذا تصرف غير مقبول، لأنه يعكس استخفافًا بجهود الجميع.»

هاني أبو أسعد
(«The Mountain Between Us»، 2017)

وأكد أبو أسعد أن الأمر تم تجاوزه وأن إدريس يتمتع بموهبة كبيرة وقدرة عفوية على التحول إلى الشخصية التي يؤديها، حتى دون تحضيرات مسبقة طويلة، كما تحدث بإعجاب كبير عن الممثلة كيت وينسلت، مشيرًا إلى أنها مثال يُحتذى به في الالتزام والانضباط، حيث كانت تصل إلى موقع التصوير في الوقت المحدد تمامًا، وتظهر استعدادًا كاملاً للدخول في عمق شخصياتها بجدية واحترافية.

فلسطين قضية هوية

وأوضح أن القضية الفلسطينية ليست مجرد موقف سياسي، بل جزء أصيل من هويته كإنسان مشددًا على أن الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني أصبح أمرًا لا جدال فيه في ظل صراع دام أكثر من 75 عامًا.

وأضاف: «من غير الممكن اليوم تجاهل حقوق الفلسطينيين. الصراع الطويل لم يطمس هويتنا، بل أثبت أننا شعب لا يقبل الدونية أو النسيان»، لافتًا إلى أن الأحداث الكبرى الأخيرة، التي يشهدها قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، صنعت تحولًا تاريخيًا للقضية الفلسطينية»، واصفًا إياها بأنها «ثورة الباستيل للفلسطينيين»، مشيرًا إلى أن المقاومة المستمرة للشعب الفلسطيني، رغم التحديات، تعكس إصرارًا على رفض الاحتلال وفرض سياسات التهميش.

المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد
المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد

على المستوى الشخصي، تحدث أبو أسعد عن الضغوط التي واجهها كفنان فلسطيني، وأكد أنه تلقى آلاف الرسائل التي تهدف إلى الضغط عليه وإثنائه عن مواقفه، لكنه يرفض لعب دور الضحية، قائلاً: «النضال له ثمن، وأنا اخترت دفعه برضاء وسرور. الوقوف مع قضيتنا هو قرار شخصي أعتز به، مهما كانت التحديات.» 

سلط أبو أسعد في حواره الضوء على أهمية دعم صناعة السينما الفلسطينية، مشيرًا إلى تجارب شبابية واعدة في غزة، على غرار مشروع «المسافة صفر». واعتبر أن هذه المبادرات تمثل بارقة أمل يمكن البناء عليها، مضيفًا: «يجب أن تُعرض هذه الأفلام في كل مكان، وأن نقدم الدعم اللازم لهؤلاء الشباب. من الضروري اختيار أحدهم ومساعدته في إنتاج فيلم طويل يعبر عن قضاياهم.» 

تراجع الفيلم الغربي يفتح أبواب الريادة أمام العرب

كما وجه نصيحة للشباب الموهوبين، داعيًا إياهم إلى التركيز على تطوير مهاراتهم والعمل الجاد على تنمية مواهبهم، بدلاً من الانشغال بالنجاح السريع معتبرًا أن الموهبة هي «السلاح الأقوى الذي يمتلكه أي شخص»، لكون النجاح لا يأتي بمعادلة ثابتة، بل يتطلب التفاني في العمل على الذات، الذين ينشغلون بالمظاهر الخارجية للنجاح غالبًا ما يخفت بريقهم سريعًا، بينما النجاح الحقيقي هو ما يستمر ويتطور مع الزمن، على حد تعبيره.

المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد
المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد

وتطرق المخرج الفلسطيني إلى واقع السينما العربية مقارنة بالغربية، مشيرًا إلى أن السينما العربية تتميز بالأصالة وارتباطها بقضايا جوهرية. وعلى الجانب الآخر، يرى أن السينما الغربية تمر بمرحلة انحدار، إذ أصبحت تركز بشكل كبير على التسلية وقضايا سطحية، معتبرًا أن «لكل حضارة ذروتها وانحدارها. السينما الغربية لم تعد تقدم أعمالًا تحمل قضايا حقيقية، بل باتت تتجنب المواضيع الجوهرية.» 

وأضاف أن العالم العربي لديه فرصة كبيرة لملء الفراغ الذي سيتركه هذا الانحدار مؤكدًا أن صانعي الأفلام العرب يحملون همومًا كبرى، مما يمنح أعمالهم طابعًا فريدًا يعبر عن معاناة الشعوب وآمالها، وهو ما قد يضع السينما العربية في موقع ريادي مستقبلًا.

اقرأ أيضا: أسامة القس: أثق في وائل أبو منصور لذا قبلت بـ«صيفي»

شارك هذا المنشور

أضف تعليق