منذ نشأتها، لم تكن السينما مجرد وسيلة ترفيه، بل كانت مرآة تعكس قضايا المجتمعات، وتطرح الأسئلة التي يفضل البعض تجنبها. من السياسة إلى الدين، ومن قضايا الهوية إلى الحريات الفردية، ظلت الشاشة الكبيرة ساحة لطرح المواضيع الحساسة، ما جعلها دائمًا في مواجهة الرقابة سواء كانت مؤسساتية أو مجتمعية.
لم يكن الفن السابع بمنأى عن قرارات الحجب والتقييد، سواء بحجة حماية القيم المجتمعية، أو تجنب إثارة الجدل السياسي والديني. واجه صانعو الأفلام جدرانًا من الرفض، تُقيد أعمالهم حين تقترب من الخطوط الحمراء، لكن يبقى السؤال: هل ينجح المنع دائمًا؟ أم أن «الممنوع مرغوب»، فيجعل الرقابة نفسها عاملًا دعائيًا للأفلام التي تحاول طمسها؟
في هذا الملف، نبحث في تاريخ الأفلام التي وجدت نفسها وسط معركة بين حرية الإبداع أو ممن لا يؤيد عرضها، ونستعرض الأسباب التي جعلتها مثارًا للجدل. كيف تفاعل الجمهور معها؟ وهل أدى الحظر إلى طمسها، أم زاد من شهرتها وأثرها؟
تُحظر بعض الأفلام بسبب تناولها موضوعات سياسية حساسة أو انتقادها لأنظمة الحكم، كما حدث مع «The Interview» الذي أثار غضب كوريا الشمالية بسبب تصويره الساخر لزعيمها كيم جونغ أون، ما أدى إلى منعه في عدة دول. كذلك، تواجه الأفلام التي تتناول قضايا دينية قيودًا صارمة، إذ تُتهم بالإساءة للمعتقدات أو تقديم تفسيرات غير مقبولة، كما حدث مع «The Last Temptation of Christ» الذي مُنع في عدة دول بسبب تصويره المثير للجدل لشخصية المسيح. وعلى الصعيد الاجتماعي، تخضع الأفلام التي تناقش الهوية الجنسية، العنف، أو العنصرية للرقابة، خاصة إذا تعارضت مع القيم المجتمعية السائدة.
لكن المفارقة أن المنع لا يعني دائمًا الاختفاء. على العكس، قد يزيد من شهرة الفيلم ويثير فضول الجمهور لمشاهدته بوسائل بديلة. في عصر الإنترنت، أصبحت الرقابة أقل تأثيرًا، حيث بات من السهل الوصول إلى الأفلام المحظورة عبر المنصات الرقمية. وكثير من الأفلام التي مُنعت في الماضي عُرضت لاحقًا دون أي اعتراض، ما يعكس تغير المعايير الأخلاقية والسياسية بمرور الزمن.
1- «عيون مغلقة على اتساعها».. كيف صار الفيلم الممنوع عملًا خالدًا؟
بدأت الحكاية عام 1999. كنت لم أكمل الخامسة عشر من عمري عندما عُرض «عيون مغلقة على اتساعها Eyes Wide Shut» للمرة الأولى. مراهق مصري يعيش في إحدى محافظات دلتا نهر النيل، يحب السينما كما يتيحها له محيطه، ولنأخذ بعض الوقت في وصف ذلك المحيط.
أربع قاعات عرض في المدينة كلها، اثنتان تعرضان الأفلام المصرية الجديدة، واثنتان من قاعات الدرجة الثانية التي تعرض أفلامًا قديمة، مصرية وأجنبية، يعود تاريخ أحدثها لعقد مضى، يُمثل عرضها ذريعةً لاستمرار القاعات التي تحتضن الطلبة الهاربين من مدارسهم، والعشاق الذين يجدون مكانًا سريًا، وقائمة من الأفعال المشينة التي جعلت الاقتراب من القاعتين المتجاورتين محرمًا عليّ. بديل القاعات المحدودة كان انتشار نوادي تأجير شرائط الفيديو، التي يفخر كل منها بمكتبته المكوّنة غالبًا من مزيج من الأفلام المصرية والأمريكية الحديثة والمسرحيات الكوميدية. تصل الأفلام التي تمتلك موزعًا محليًا، بعدما عبرت من مقص الرقابة، ورؤية الموزعين الذين اشتهروا بمنح الأفلام عناوينًا مثيرة لا علاقة لها بالعنوان الأصلي، واختيارات صاحب نادي الفيديو الذي يُقدر أي أفلام يُمكن أن يُقبل عليها عملائه.
لقراءة المقال كاملا من هنا
2- سكورسيزي.. المسيح بعيدًا عن التبشير
على مدى سنوات اختلف اللاهوتيون المسيحيون في ما بينهم بشأن تقديم تصوير فنّي للمسيح. كان القديس يوحنا الدمشقي من الأوائل الذين دافعوا عن الأيقونات كوسيلة للتكريم. ثم أعلن «مجمع نيقية الثاني» في سنة 787، أنّ الأيقونات والصلبان لا تُعتبر وثنية، معتبرًا أنّ «إنتاج الفن التمثيلي وسيلة لتصبح كلمات الربّ حقيقية لا مجردّ خيال». بعد ذلك، ظهرت معضلة جديدة تمثلت في أنّ العديد من المسيحيين واجهوا صعوبة في تخيّل المسيح كإنسان، ما أدى أحيانًا إلى إهمال إنسانية المسيح. كانت المسيحية تؤيد الفن وإنسانية المسيح، وجاءت السينما لتمنح المسيح إحساسًا أكمل كإنسان. كانت الأفلام الأولى عن المسيح والمسيحية رسالتها واضحة، وهي التبشير.
لقراءة المقال كاملا من هنا
3- لماذا لم يحبوا «السيما» كما أحبها أسامة فوزي؟
منذ حوالي عشرين عامًا، تحديدًا في يونيو عام 2004 أثار عرض فيلم سينمائي زوبعة كبيرة داخل مصر، وانقسامًا واضحًا، بين النقاد والسينمائيين الذين رأوا فيه تحفة حقيقية وعملًا استنثائيًا في السينما المصرية، وشريحة من الجمهور ورجال الدين والقانونيين الذي رأوا فيه عملًا يحض على ازدراء الأديان، وتحديدًا الدين المسيحي.
الفيلم هو «بحب السيما» ثالث الأفلام الروائية الطويلة للمخرج الراحل أسامة فوزي ومن تأليف هاني فوزي، والذي ربما يراه البعض الآن أحد أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية، ولكن من عاصروا عرضه الأول ربما يتذكرون اللغط الذي أثاره. بشكل شخصي أتذكر مطالبات بعض المتشددين داخل الكنيسة بمقاطعة هذا الفيلم، هذا إذا لم تنجح الدعوات بوقف عرضه من الأساس، والهمهمات ممن لم يشاهدوه بخطورة الفيلم والمبالغة في وصف بعض المشاهد، التي لم تكن موجودة بهذا الوصف بالتأكيد داخل الفيلم.
لقراءة المقال كاملا من هنا
4-«آخر أيام المدينة».. الحنين للصمت وسط ضجيج القاهرة
في مطلع عام 2016، عُرض فيلم «آخر أيام المدينة» للمخرج المصري تامر السعيد ضمن قسم «الفورم» في مهرجان برلين السينمائي الدولي، ذلك المهرجان الذي تقام فعالياته كل شتاء. حظي الفيلم بتكريم خاص، حيث نال جائزة «كاليجاري»، لينطلق بعدها في رحلة ناجحة عبر مهرجانات سينمائية حول العالم. ومع مرور الشهور، ظل السعيد ينتظر اللحظة التي يعود فيها فيلمه إلى موطنه، إلى قلب القاهرة، ليُعرض أخيرًا أمام جمهور المدينة التي خرج منها وإليها الفيلم، وذلك ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في نوفمبر. لكن المفارقة أن هذه اللحظة لم تأتِ آنذاك… ولم تأتِ حتى اليوم.
لقراءة المقال كاملا من هنا
5- «للحب قصة أخيرة».. عن سينما لم تخشَ الأسئلة الكبرى
عام 1986، طرح المخرج المصري رأفت الميهي، واحد من أكثر المخرجين المصريين تفردًا سواء كسيناريست أو كمخرج، فيلمه الروائي الطويل الثالث «للحب قصة أخيرة» من بطولة يحيى الفخراني ومعالي زايد، ويحكي قصة رفعت، المدرس الذي يعاني مرضًا عضالًا في القلب، وزوجته سلوى التي تنتظر أملًا في شفائه، يسكنان بيتًا جميلًا في جزيرة الوراق الواقعة في وسط النيل شمال القاهرة والمنعزلة بشكل ما عن المدينة، والمُحتفظة بشكل ما يجمع بين المدن الصناعية الصغيرة بمصانعها البدائية وبين التريف بأراضيها الخضراء والطينية، وعلى أرض هذه الجزيرة يعيش عدد من الناس أغلبهم بسطاء ريفيين وبينهم بعض المتمدنين وبينهم رفعت وسلوى والطبيب حسين.
لقراءة المقال كاملا من هنا