على ضفاف الريفييرا الفرنسية، جدد مهرجان كان السينمائي الدولي تواجده السنوي بدورته الثامنة والسبعين، هناك، حيث رفعت ستائر العروض الأولى لتضيء القاعات بأحلام السينمائيين الواعدين وحتى المخضرمين الذين لا يزالون يكتشفون عوالم جديدة في الفن السابع كل عام عبر تجارب رؤيوية، تجرؤ على طرح الأسئلة وتخوض غمار الإنسان والزمن والذاكرة.
وللعام الثاني على التوالي، كان لفريق «فاصلة» موطئ قدم في هذا المحفل السينمائي الأهم ، لرصد أبرز عروض المهرجان وتقديم قراءة دقيقة ومتعمقة لمجموعة مختارة من الأفلام التي أثارت الجدل أو نالت الإعجاب. جاءت مراجعاتهم المميزة ثمرة متابعة حثيثة ووعي نقدي يُنصت للصورة بقدر ما يُحلّلها، ويُقدّر التفاصيل دون أن يغفل عن الرؤية الكلية للعمل.
يضم هذا الملف خلاصة مشاهدات نقادنا وتحليلاتهم لأفلام شكّلت علامات فارقة في الدورة الـ78، سواء من المسابقة الرسمية أو من أقسام المهرجان مثل: «نظرة ما» و«أسبوع المخرجين» وغيرهما.
1- كان 2025: «إجازة ليوم واحد»… فيلمًا خارج المهرجان
لأول مرة في تاريخ مهرجان كان، تُفتتح الدورة الثامنة والسبعون بفيلم روائي لمخرجة تقدم عملها الطويل الأول. اختارت إدارة المهرجان الفنية فيلم «إجازة ليوم واحد Partir Un Jour» للفرنسية أميلي بونين، ليفتتح المهرجان خارج مسابقته الرسيمة، والأصح كان أن يكون هذا الفيلم خارج المهرجان كُليًا.
فيلمها الروائي الطويل الأول، هو نسخة عن فيلمها القصير الحائز على جائزة سيزار سنة 2023، والذي حمل الاس نفسه «إجازة ليوم واحد». قدمت بونين فيلمًا خفيفًا جدًا: كوميديا موسيقية، لا أثر فيها للُّطف ولا البهجة. فيلم نمطي لا يحاول أن يكون جيدًا، بل ولا يمكن وصفه بالسوء أيضًا. وبالتأكيد لم يكن ليُسمع عنه خارج فرنسا لولا عرضه في كان.
لقراءة المراجعة كاملة من هنا
2- «سماء بلا أرض»… السينما الملتزمة المعاصرة تزور العالم العربي
منذ انطلاقة مسيرتها السينمائية، الحافلة على قصرها بالنجاحات، تنتهج المخرجة التونسية أريج السحيري مسارًا يمكن إلحاقه بما كان يُعرف بـ«السينما الملتزمة»، وهو مصطلح قديم لم يعد بعض صناع الأفلام يحبون استخدامه، باعتباره يحصر دور السينما في الالتزام بالقضايا المهمة، ويهمش الإنجاز الجمالي والتقني في الفيلم لحساب أهمية الموضوع المطروح.
السحيري تابعت في فيلمها الوثائقي الطويل الأول «عالسكة» (2018) حياة عمال ومستخدمي السكك الحديدية التونسية، لتعكس صورة معاصرة للواقع التونسي من خلال شبكة المواصلات المتهالكة التي صُنعت وفق المعايير العالمية، ثُم تُرِكت لتُدار وتتداعى وفق المعايير العربية، في إحالة واضحة لما هو أكبر من القطارات، للحياة في الأوطان بشكلٍ عام.
لقراءة المراجعة كاملة من هنا
3- «صوت السقوط»… بهيّ بأجوائه الجنائزية
ثلاث شخصيات يفصلها عن بعضها البعض عقودا زمنية طويلة، هن موضوع فيلم “صوت السقوط Sound of falling” للمخرجة الألمانية ماشا شيلينسكي، والمعروض ضمن أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان كان.
شخصياتنا الثلاث هن ألما (هانّا هيكت) الطفلة البراغماتية التي عاشت في بداية القرن الماضي، وأنجليكا (لينا أورزندوسكي) مراهقة معذبة من السبعينيات، وأخيرًا مراهقة أخرى تدعى لينكا (لييني جيسلر) تعيش في الوقت الحاضر، وحولهن شخصيات نسائية أخرى، تجسد المخرجة من خلالهن جميعهن ذلك الخيط الواصل بين النساء مهما تغيرت ظروف المجتمعات ودرجة حداثتها أو ادعائها لتلك الحداثة.
لقراءة المراجعة كاملة من هنا
4- «مدّعيان عامان» لسيرغي لوزنيتسا.. بطلٌ تراجيدي في أوج الطغيان الستاليني
بعد أن استجلى في الوثائقي الأرشيفي «جنازة رسمية» State funeral (2019) مظاهر عبادة الشخصية السياسية البادية في تأبين جوزيف ستالين عقب موته عام 1953، يعود سيرغي لوزنيتسا للتّخييل في فيلمه الأحدث «مدّعيان عامان» Two prosecutors، المشارك في المسابقة الرسمية للدورة الـ78 لمهرجان كان، ليعود بالزمن إلى عام 1937 في أوج التسلط الستاليني، إذ تفلت رسالة السجين السياسي ستيبنياك من سيطرة الحائط الحديدي فتقود إلى اكتشاف المدعي العام الشاب كورنييف النقاب عن فساد جهاز المخابرات السوفييتي، ويصبح سعيه لتحقيق العدالة في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية في عهد ستالين رحلة خطرة في قلب نظام يأكل نفسه من الداخل.
لقراءة المراجعة كاملة من هنا
5- «صراط».. السينما كما الحياة رحلة حسّية
يسعى أغلب صناع السينما في العالم للعثور على حكايات جديدة وصادقة، تعبر عن أفكارهم ومشاعرهم، وتضيف شيئًا لخبرة المُشاهد. لكن قلة قليلة منهم هم من لا يزالوا يطاردون ما هو أكثر، فيحاولون التقدم بالوسيط السينمائي نفسه، عبر تقديم تجربة مشاهدة تعد في حد ذاتها جزئَا من الفيلم، لا يمكن فصل العناصر الدرامية والبصرية المعتادة عنها. إلى هذه القائمة المحدودة ينتمي أوليفر لاكس، الإسباني الفرنسي الذي أتى لنا مبكرًا بأول التحف السينمائية الكبرى في كان 78.
«صراط Sirat» هو اسم فيلمه الجديد، والذي يكمل به ثلاثية شديدة الخصوصية بدأها بفيلم «ميموزا» عام 2016، ثم «نار سوف تأتي Fire Will Come» عام 2019، قبل أن ينهيها بالفيلم الجديد الذي يتماشى عنوانه المستوحى من الثقافة الإسلامية مع كل تفصيلة فيه. فإذا كان الصراط هو الجسر فوق الجحيم، الذي وضعه الله ليسير عليه كل البشر، فيسقط منهم من يسقط، ويطول طريق البعض، حتى بلوغ الغاية بالوصول للفردوس على الجانب الآخر، فإن هذه الفكرة المجردة، الحسّية، يمكن اعتبارها مُرتكزًا لرحلة أبطال «صراط» غير الاعتيادية.
لقراءة المراجعة كاملة من هنا
6- «إدنغتون» آري آستر… طموح كبير وحيلة قليلة
قد تحتاج الولايات المتحدة، وربما العالم، لظهور فيلم يتناول الأحداث الجارية والماضي القريب، وكيف غزّت جائحة كورونا التطرف السياسي، وكيف ظهرت نظريات المؤامرة وتصاعد العنف الاجتماعي، وانتشر تيار وثقافة «أجعلوا أميركا عظيمة مجددًا» في عهد ترامب وأتباعه، وكيف ظهرت جماعات يمينية متطرفة مختلفة. لكن للأسف هذا الفيلم ليس «إدنغتون Eddington»، الفيلم المنتظر للمخرج المميز آري آستر، والمعروض ضمن أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان كان.
ربما لم يكن آري آستر هو المخرج المناسب للتصدي لهذا المشروع الطموح؛ فعلى الرغم من كونه مخرج رعب بارع إلا أن ما أنتجه في «إدنغتون» يثبت أن الارتقاء المفاجئ لمصاف الشهرة يضع عبئًا كبيرًا على بعض المخرجين.
لقراءة المراجعة كاملة من هنا
7- «قضية 137»… سينما تحاسب ولا تشيطن!
لا يأتي «قضية 137» بكونه إضافة جديدة إلى أرشيف السينما السياسية الفرنسية. جديد المخرج الفرنسي دومينيك مول من الأعمال التي تعيد تعريف هذا النوع السينمائي من خلال مسح شامل لتناقضات السلطة، وشقوق العدالة، وحدود الأخلاق في دولة ديموقراطية تُجبر على مواجهة ذاتها. ما ينجزه هنا ليس مجرّد عمل درامي محكم، إنما تشريح سينمائي لنظام لا يرى نفسه إلا من زاوية القوة والردع، حتى حين يزعم أنه يحتكم إلى القانون.
العمل المعروض ضمن مسابقة مهرجان كانّ السينمائي في دورته الثامنة والسبعين (13 – 24 مايو)، يتمتّع بقوة سردية لافتة، معتمدًا على مجموعة أحداث مشابهة تعود إلى عام 2018، حين اجتاحت فرنسا حركة «السترات الصفر»، احتجاجًا على سياسات اقتصادية شكَّلت عبئًا ثقيلًا على الطبقتَيْن المتوسطة والفقيرة. في هذه الخلفية الملتهبة، يُصاب فتى من عائلة متواضعة برصاصة مطاطية أطلقها عنصر من الشرطة بلباس مدني، لتصبح هذه اللحظة التي يعود الفيلم إليها مرارًا، نقطة الانطلاق في حفر دراميّ يُدخلنا إلى قلب جهاز الدولة ومؤسّساتها.
لقراءة المراجعة كاملة من هنا
8- «مت يا حبيبي».. حكاية امرأة تتشظّى
بعد غياب امتدّ 7 سنوات عن الساحة السينمائية، تعود المخرجة الاسكتلندية لين رامزي إلى مهرجان كانّ (13 – 24 مايو) بفيلم نفسي جديد بعنوان «مت يا حبيبي» معروض في المسابقة. العمل، المقتبس من رواية للكاتبة الأرجنتينية أريانا هارفيتش، مُحمَّل بتوقيع رامزي البصري المتفرّد: حكاية مُثقلة بالقلق الوجودي، وعالم داخلي يتشظّى على الشاشة. لا حدود بين الأشياء.
يمكن تلخيص الفيلم بجملة: زوجان، أحدهما يُجسّد الإنسان «الطبيعي»، والآخر غارق في فوضى عقلية ونفسية عميقة. إنهما جاكسون وغرايس اللذان ينتقل وضعهما من الزوجين المثاليين إلى مواجهة مفتوحة تشي بالجنون والهستيريا والبارانويا. فهل يمكن التعايش بين العقل واللاعقل؟ أيتصالح الإنسان مع جزء من ذاته ينكر وجوده أو يخشاه؟ هذا السؤال البسيط والمركّب في آن معًا، تحمله لين رامزي إلى الشاشة بنصّ سينمائي يحوّل الحالة النفسية لشخصية غرايس إلى تجربة واقعية مشتركة مع المتفرّج، كما لو كانت تحاول أن تختصر سنوات من العلاج النفسي في ساعتين من السينما المكثّفة.
لقراءة المراجعة كاملة من هنا
9- «صراط»… رقصٌ كابوسي على حافة الفناء
يحكي الفيلم الرابع للمخرج الأسباني الفرنسي أوليفر لاكسي، قصة لويس (سيرجي لوبيز)، الأب الذي ينطلق في رحلة مع ابنه بحثًا عن ابنته المختفية منذ شهور أعقبت حضورها حفلة موسيقية معزولة Rave في المغرب. وبينما يلتقي الأب والابن مجموعة من غريبي الأطوار ممن ينظمون تلك الحفلات الصاخبة في فضاء صحراوي مفتوح، تتحول رحلتهما عبر ربوع الأطلس الكبير تدريجيًا إلى سعي تجريدي وتجربة انصهارية مع الوجود، عبر اندماج في رقص محموم حد الانصهار، بالمعنى الحرفي للكلمة.
لقراءة المراجعة كاملة هنا
10- «عائشة لا تستطيع الطيران».. ليس لذوي المعدة الرقيقة
نحن بصدد عاصفة جديدة ستهب على السينما المصرية هذا العام، محملة بأحاديث بعضها سينمائي ممتع، وكثير منها عبثي يفتقر لأبسط قواعد مناقشة الأعمال الفنية، معركة متكررة ستتصارع فيها الشعبوية والصوت المرتفع مع محاولة طرح الأسئلة البديهية حول ماهية الفن ومساحة الحرية المكفولة لصانعه ومتلقيه. سبب تلك العاصفة المتوقعة؟ «عائشة لا تستطيع الطيران»، الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج مراد مصطفى، والذي عُرض قبل ساعات ضمن مسابقة «نظرة ما»، ثاني مسابقات مهرجان كان أهمية.
اختيار الفيلم لتلك المسابقة تحديدًا، والتي يكشف عنوانها ما يحاول مبرمجوها فعله من التفتيش على التجارب الخاصة، والأصوات الخارجة عن المألوف، أمر لا يمكن التغاضي عنه ونحن بمعرض الحديث عن فيلم انقسمت ردود الأفعال حوله، فمن الحضور من غادر الفيلم في منتصفه بسبب عدم قدرته على تحمل مشاهده التي تحمل بعض الدموية أو العنف أو الصور غير المريحة، ومنهم من وقع في حبه ووجد فيه عملًا فنيًا أصيلًا، ومنهم كاتب هذه السطور.
لقراءة المراجعة كاملة هنا
11- «العميل السري».. سردية الخوف المؤجل وفتنة الصورة التي تتذكر
يقدم كليبير مندوسا فيلهو في فيلم «العميل السري The Secret Agent» والذي عُرض ضمن فعاليات الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي، مساءلة حقيقية في كيف يمكن للسينما أن تنبش هشيم الذاكرة حين تصبح الوقائع ضبابية، والأصوات مشوشة، والزمان نفسه عصيًا على التحديد، أي أن يكون الماضي شبحًا لا يزال يحوم فوق الحاضر.
وذلك حينما يتتبع الفيلم شخصية مارسيلو، التي يلعبها واغنر مورا، مجسدًا فيها الشخص العادي الذي يكتشف فجأة أنه في قلب شبكة من المؤامرات والأصوات المسجلة والمخاطر التي لا تُفهم. لكن مارسيلو هنا ليس بطلًا مقاومًا ولا ضحية واضحة، هو إنسان يحاول أن ينجو. وهذا بالضبط ما يجعل الفيلم حقيقي؛ أن تعيش داخل زمن كهذا لا يعني بالضرورة أنك على هامش بطولة ما، بل يعني أحيانًا أنك لست سوى مجرد كائن هش يحاول أن يمشي بخفّة دون أن تسمع وقع خطاه.
لقراءة المراجعة كاملة هنا
12- «القضية 137»… الجريمة وعدم العقاب
في عام 1866، كتب الأديب الروسي فيودور دوستويفسكي أولى رواياته الكبرى، والتي تدور حول شاب فقير يخطط لقتل امرأة عجوز ثرية، تحتفظ بثروة من المال والمجوهرات في شقتها. في نظره، الجريمة مبررة: فهو يضحي بحياة عجوز أنهت رحلتها في الحياة، من أجل مستقبل شاب يمتلك إمكانيات عظيمة قد تغيّر العالم للأفضل. لكن بعد تنفيذ الجريمة، يتحول الصراع إلى عذاب أخلاقي داخلي، إذ يكتشف الشاب أن الغاية لا تبرر الوسيلة، وأن ما فعله يبقى جريمة مهما كانت مبرراته. تحوّلت الرواية إلى واحدة من أعظم الأعمال الأدبية في التاريخ، وأبرز ما كتبه دوستويفسكي «الجريمة والعقاب».
اليوم، مع مشاهدة «القضية Dossier 137» للمخرج الفرنسي الألماني «دومينيك مول» تتحول ثنائية الجريمة والعقاب أو «عدم العقاب» إلى هاجس جديد، ليس لمجرد فرد –شاب روسي فقير– كما في رواية «دوستويفسكي» لكن لمؤسسة كاملة بحجم الشرطة.
لقراءة المراجعة كاملة هنا
13- «نسور الجمهورية».. مراهقة سياسية وسينما ناقصة
أفلام عدّة تحاول الانقضاض على السلطة السياسية في مسابقة الدورة الحالية من مهرجان كانّ السينمائي (13 – 24 أيار)، سواء مباشرةً أو مواربة، مثل «قضية 137» لدومينيك مول أو «مجرد حادث» لجعفر بناهي، ومن الزاوية نفسها يطلّ أيضًا «نسور الجمهورية» للمخرج السويدي المصري طارق صالح، كعمل يُفترض به أن يهزّ المنظومة السلطوية في مصر أو أن يعيد مساءلة العلاقة بين الفنّ والسلطة. غير أنّ الفيلم، رغم كلّ العناوين التي سبقت عرضه، سرعان ما انكشف عملًا مرتبكًا، غارقًا في التبسيط والسذاجة، يرفع راية المعارضة، لكنه لا يطلق رصاصة واحدة نحو الهدف. عمل أشبه بحلقة من مسلسل تلفزيوني قد يستمر إلى أجل غير مُسمَّى.
يقوم السيناريو على فكرة ممثّل (فارس فارس) يتعرّض للضغوط والابتزاز للاضطلاع بدور الرئيس السيسي. إنه جورج فهمي، المعروف بأدواره الكوميدية السطحية. يُطلب منه فجأة أداء دور الرئيس في عمل سينمائي يتناول «بطولاته» في إنقاذ البلاد.
لقراءة المراجعة كاملة هنا
14- «كعكة الرئيس».. كارت بوستال لعراق التسعينيات
تحضر العراق هذا العام للمرة الأولى في كان بعد سنوات طوال من الغياب عن المهرجانات الدولية الكبرى، وفي حضورها يظهر أن أرشيف سنوات القمع لا يزال حاضرًا بقوة في قلب المشهد الفني العراقي، مُمليًا ميلاً سينمائيًا لاستعادة القصص المنسية وإعادة فحصها تحت عدسة الكاميرا.
ضمن قسم الكانزان “نصف شهر المخرجين” في مهرجان كان، عُرض الفيلم الأول للمخرج العراقي حسن هادي الطويل، والذي حمل بالعربية اسم “مملكة القصب”، فيما عُنوِن بالإنجليزية باسم “كعكة الرئيس The president’s cake”.
في تجربة رائعة، يأخذنا المخرج حسن هادي إلى زمن لم يُحك عنه كثيرًا في السينما، إذ يبدأ من منطقة مملكة القصب التي يتطلب الوصول إلى بيوتها استخدام السكان لقوارب صغيرة. وهناك نتعرف على الطفلة لميعة التي تعيش مع جدتها المسنة على جزيرة صغيرة من تلك الجزر، تجدف لميعة وجدتها أو حتى لميعة وحدها لتصلا إلى عملهما في الحقول، أو لتصل لميعة إلى مدرستها.
لقراءة المراجعة كاملة هنا
15- «الحياة بعد سهام»… أمي وأبي وأنا
لافتة هذا العام، في مهرجان كانّ السينمائي (13 – 24 مايو)، كثافة الأفلام التي تتمحور على الأمومة والأبوّة والتوارث بين الأجيال والروابط العائلية المعقّدة. شاهدنا عددًا منها عن فقدان الأم واستعادتها على الشاشة، لا بوصفها كائنًا مقدّسًا، إنما ككيان مركَّب يُحتفى به بالحبّ والعتب معًا. بعض هذه الأعمال يحاول تخليد صورة الأم، لا عبر التمجيد السطحي، بل من خلال استحضارها كتجربة حيّة كلها تناقضات. فحبُّ السينمائيين لأمهاتهم لا يبلغ أقصى صدقه إلا عندما يتخلّله شيء من العتاب، من الأسى، من محاولة الفهم بعد فوات الأوان.
ثمة إصرار على إيجاد زوايا جديدة تُروى منها قصة مَن حملونا في أرحامهن تسعة أشهر. وعدد القصص يضاهي عدد الأمهات اللواتي مررن على هذه الأرض. واختلاف الطرح يأتي انعكاساً لاختلاف البيئات الثقافية التي ينتمي إليها صنّاع هذه الأعمال، وما يحملونه معهم من قيم وتجارب. غير أنّ هذا لا يعني أنّ الثقافات المُنغلقة أو المحافظة تتجنّب الاقتراب من موضوع الأم، فهذا الانغلاق يخلق أحيانًا شحنة تعبيرية، لا سيما حين تتحوّل الشاشة إلى مساحة للبوح.
لقراءة المراجعة كامله من هنا
16- «حادث بسيط» لجعفر بناهي… من دحرج كرة الثلج؟
بعد سنوات من الغياب عن مهرجان كان، يعود المخرج الإيراني الحاصل على الكاميرا الذهبية جعفر بناهي بأحدث أفلامه «حادث بسيط» (It Was Just an Accident)، للمشاركة في المسابقة الرئيسية للمهرجان في دورة هذا العام، حيث تنافس من قبل أمام 21 فيلمًا آخر على السعفة الذهبية عام 1996 عن «البالونة البيضاء» (White Baloon)، ثم جائزة لجنة التحكيم في مسابقة «نظرة ما» عام 2003 عن «الذهب القرمزي» (Crimson Gold)، وهذا العام يشارك في المسابقة الرئيسية للمهرجان.
كما هو متوقع، لا يبتعد بناهي عن الواقع الإيراني في فيلمه، بل يقدم فيلمًا شديد المعاصرة، كأنه انتهى من تصويره بالأمس فقط. تتابع الأحداث فهيد (فهيد موباسيري) الذي يجد شخصًا يشتبه في كونه ضابط التحقيقات الذي عذبه من قبل في المعتقل، ولكن حتى لا يؤذي شخصًا بريئًا يقرر فهيد أن يستعين بآخرين ممن تلقوا التعذيب أيضًا على يد نفس الشخص، حتى يتأكد من صحة شكوكه وينفذ العقاب الذي يريده في هذا الضابط.
لقراءة المراجعة كامله من هنا
17- «المينة»… مسحٌ متعمّق لندوب مناجم جْرادة
في فيلمها “المينة” L’mina المُتوّج بجائزة “الاكتشاف الجديد” من أسبوع النقاد في مهرجان كان 78، اختارت المخرجة المغربية راندا معروفي، أن توجه عدستها صوب مناجم جْرادة الواقعة شمال شرق المغرب، وذلك بعد زهاء ربع قرن على إغلاقها بصفة نهائية ورزوح المدينة تحت وطأة التهميش والجمود، لكن الفقر والبطالة يدفعان عمالاً لم يعرفوا وأسلافهم عملاً غير التنجيم إلى استغلال المناجم بشكل عشوائي يهدر حيوات بعضهم مقابل استخراج بضع كيلوجرامات من الفحم الحجري.
تتعلق حياة العمال بين الآبار الضيقة وغير المؤمّنة التي حُفرت بوسائل بدائية تجعلها آيلة للانهيار في أي لحظة، وبين استغلال مالكي مخازن الفحم الكبرى الذين يفرضون ثمن بيع زهيد يدرّ عليهم أرباحاً بملايين الدراهم، غير أنه يكفي بالكاد لسد تكاليف عيش عمال المناجم الكادحين.
لقراءة المراجعة كامله من هنا
18- «قيمة عاطفية»… البحث عن الحقيقة بين فوضى الذاكرة
يقع «قيمة عاطفية Sentimental Value» هناك في مكان ما بين الدراما العائلية التقليدية، وبين قصة أكثر تعقيداً وتفصيلاً عن الآباء والابناء والصدمات العاطفية التي تنتقل من جيل إلى جيل.
الفيلم الذي يُعد واحدًا من أجمل أفلام المسابقة الرسمية والمرشح بقوة لنيل السعفة الذهبية لـ كان 78، يستخدم ثيمة ارتباط منزل واحد وأجيال عديدة من العائلة عبر التاريخ ومن خلال السينما. «قيمة عاطفية» هو بلا شك الفيلم الأنضج للنيرويجي يواكيم ترير، مخرج فيلم «اسوأ شخص في العالمThe Worst person in the world».
لقراءة المراجعة كامله من هنا
19- «شبح مفيد»… من إنسان إلى مكنسة كهربائية!
فيلم عن الغبار، عن الأشباح، عن الماضي الجارح، عن ذكريات أحبّائنا الذين غابوا… يمكن النظر إلى «الشبح المفيد» للمخرج التايلاندي راتشابون بونبونشاشوك، الفائز بالجائزة الكبرى لفقرة «أسبوع النقّاد» في مهرجان كانّ السينمائي (13 – 24 مايو) من زوايا مختلفة؛ فهو من الأعمال الغنية بالطبقات السينمائية، يفتح الباب أمام تأويلات متعدّدة، وكلّ مقاربة تبدو ممكنة وذات وجاهة.
كلّ ما نراه في هذا الفيلم متجذّر في واقع اجتماعي تايلاندي يطلّ برأسه من الخلف، ومع ذلك استطاع المخرج أن يقدّم واحدًا من أكثر الأعمال ابتكارًا وخروجًا عن الخطّ التقليدي، وذلك بالاستناد إلى الفانتازيا. غير أنها فانتازيا لا تنفصل عن الواقع، إنما تسكنها ظلال الحقيقة، تلامسها ببرودة آسيوية، وفكاهة ساخرة من دون ضحك (Pince-sans-rire). وهذا ما يجعله ممتعًا ومترفًا بالجمال، مزدانًا بلمسات موسيقية تعرف تمامًا متى وأين تدخل. العناصر جميعها تحظى بعناية فائقة: الألوان، المناخ العام، حركة الكاميرا، الإيقاع. كلّ هذا يضمن للمخرج (الذي لا بد أن نحفظ اسمه منذ الآن، كما حفظنا اسم مواطنه أبيشاتبونغ ويراسيتاكول) موطئ قدم في السينما المعاصرة.
لقراءة المراجعة كامله من هنا
20- «أمهات صغيرات»… واقع على حافة الخيال
طفلات يلدن أطفالاً، هكذا ببساطة يمكن وصف الفيلم الأحدث للأخويين البلجيكيين جان بيير ولوك داردان، المتوجان بسعفتين ذهبيتين من مهرجان كان في عامي 1999 و2005. وفي فيلمهما الجديد “أمهات صغيرات jeunes mères”، يقدم الأخوان حكاية خمس فتيات يبدأن رحلة الأمومة قبل أن تنقضي طفولتهن.
في فيلمهما الأحدث، الفائز بجائزة افضل سيناريو في الدورة 78 من مهرجان كان، يواصل الأخوان منهجهما في تقديم سينما واقعية تقدم نقدًا اجتماعيًا، معتمدان على حكايات البشر العاديين. لكن السؤال الجديد الذي يصاحبنا أثناء مشاهدة فيلمهما الأخير هو “كيف يستطيع طفل رضيع التمثيل؟”ِ
لقراءة المراجعة كامله من هنا
21- السينما العربية في مهرجان كان.. تاريخ من الحضور والجوائز
تفصلنا أيام عن موعد انطلاق الدورة 78 من مهرجان كان السينمائي الدولي، أعرف المحافل السينمائية العالمية وأحد قمم المهرجانات السينمائية الكبرى، الذي لا تزال تشكل المشاركة فيه خطوة كبيرة لفناني السينما.
يحظى مهرجان كان السينمائي الدولي بزخم إعلامي هائل، ينعكس على الأفلام المعروضة فيه حتى وإن شاركت خارج مسابقاته الرئيسية، فمجرد المشاركة في كان تضع أي فيلم تحت الأضواء. وهي أضواء لم تحظ بها أفلام عربية كثيرة على الرغم من تاريخ السينما العربية الطويل.
لكن على الرغم من غيابها أحيانًا وتواضع حجم مشاركتها في أحايين أخرى، كانت السينما العربية حاضرة في كان منذ دورته الأولى عام 1946، حين شارك الفيلم المصري «دنيا» للمخرج محمد كريم، وبطولة راقية إبراهيم وأحمد سالم.
لقراءة المقال كاملا من هنا
22- يوم التقيتُ جولييت بينوش
في الصباح الباكر، التقيتُ جولييت بينوش. كنتُ أحمل في جيبي أكثر من عشرين سؤالًا. ولكن ما إن جلستُ قُبالتها، حتى صار الزمن مطواعًا، يشبه رقصة خفيفة لا تعرف إلى أين تمضي. لم أطرح سوى القليل ممّا حضّرته، واللقاء، الذي لم يتعدَّ ثلاثًا وعشرين دقيقة، بدا كأنه شريط طويل من الاعترافات الهاربة. لم نتحادث، بالأحرى انجرفنا من فكرة إلى مشهد، من ابتسامة إلى ذكرى.
كانت بينوش متعبة، ذلك التعب الذي يحمله المرء برقّة بعد رحلة. لكنها بدت راضية ومشرقة، كأن بيروت ألقت في قلبها شيئًا من الحنين والطمأنينة. ضحكت ملء قلبها، لا لتُجامل، بل لأن الحياة لا تزال تدهشها. ثم صمتت فجأة، وعيناها تبللان الاسم: كشيشتوف كيشلوفسكي. همست به كما يُهمَس بحلم. المخرج الذي حفر لها ممرًّا من الظلّ إلى النور، في «أزرق»، ذاك الفيلم الذي أعاد تعريف الألم.
لقراءة المقال كاملا من هنا
23- كل ما تريد معرفته عن أفلام مسابقة كان 78
أيام معدودة تفصلنا عن انطلاق المسابقة السينمائية الأهم في العام، 22 فيلمًا تتنافس على سعفة كان الذهبية، الجائزة الأرفع التي لطالما كرّست لمسيرات فنية صار أصحابها من أيقونات صناعة الفن السابع. كالعادة، قمنا بعملية بحث موسعة حول الأفلام المختارة للمسابقة، تابعنا المعلومات والمواد المعلنة عن كل فيلم، ونظرنا لمسيرة صانعه وعلاقته السابقة بالمهرجان العريق، لنأتي إليكم بهذا المقال التقديمي الموسع، الذي لا غنى عنه لكل من يرغب في متابعة مسابقة الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي الدولي.
لقراءة المقال كاملا من هنا
24- كل ما تريد معرفته عن المشاركة العربية في مهرجان كان الـ 78
وسط ترقّب عالمي، تستعد مدينة كان الفرنسية لاحتضان الدورة 78 من مهرجانها السينمائي الشهير، والتي تنطلق في 13 مايو الجاري وتستمر حتى 24 من الشهر نفسه.
وتتجه أنظار عشاق الفن السابع إلى الريفييرا الفرنسية، حيث يلتقي كبار صنّاع السينما مع مواهب شابة من مختلف أنحاء العالم في أعرق المهرجانات السينمائية وأكثرها تأثيرًا.
وعلى مدى عشرة أيام، تتحوّل كان Cannes المدينة الساحلية الفرنسية الصغيرة إلى منصة دولية للاحتفاء بالإبداع البصري، في سباق محموم نحو السعفة الذهبية، أرفع جوائز المهرجان.
لقراءة المقال كاملا من هنا
25- كانّ 2025: أجيال تتقاطع في دورة تجمع السياسي بالحميمي
يتهيّأ مهرجان كانّ السينمائي لإزاحة الستارة عن دورته الثامنة والسبعين (13 – 24 مايو). مرة جديدة يُقام هذا الحدث الفني والثقافي والإعلامي وسط عالم مشوّش تسيطر عليه الأزمات. التظاهرات السينمائية الكبرى، ومعها الآلاف الذين يتقاطرون إليها، تكاد تكون آخر ما تبقّى من فكرة العالم كمكان مشترك، كملتقى لتبادل الأفكار والآراء، في زمن يتفكّك فيه كلّ شيء. وها إنَّ كانّ يمضي بخطى واثقة وسط الركام، كمَن يصرّ على إضاءة شمعة في عتمة متزايدة يومًا بعد يوم. يأتي المهرجان حاملًا آخر الأخبار، من غرب القارة إلى شرقها، ومن شمالها إلى جنوبها، ليذكّر بأن الشاشة لا تزال تحتفظ بجاذبيتها الأولى، رغم كلّ ما ألمّ بها من اختبارات قاسية، لا سيّما بعد الجائحة.
لقراءة المقال كاملا من هنا
26- «سماء بلا أرض».. شتات الأطلسي الأسود!
قبل أيام، شاهدت فيلم «سماء بلا أرض» (Promised Sky) للمخرجة التونسية الفرنسية أريج السحيري، في افتتاح أفلام قسم «نظرة ما» (Un Certain Regard) في مهرجان كان السينمائي الدولي بدورته الـ78، هذا القسم الذي يُعنى بالتجارب النوعية، والطرح الفني والموضوعاتي المغاير، حيث يكاد يشكل هذا القسم المعمل الفني لمهرجان كان.
يثير الفيلم قضية الشتات الإفريقي عبر حياة ثلاث نساء من ساحل العاج، مقيمات في تونس، ولكل شخصية منهن معاناتها الفردية الخاصة بها؛ حرمان من الوالدين، أو بُعد عن الأولاد، أو فَقد لأفراد الأسرة، يجمعهن الفقر والشقاء، ويوحّدهن الأمل وبناء مستقبل أفضل، وعبور المحيط الأطلسي إلى الضفة الأخرى، هذه الضفة الموصدة في وجه المهاجرين الأفارقة عبر معاهدات واتفاقيات دولية، تتهاوى على أعتابها كل تلك الأحلام بعبور الماء أو القفز من الأرض إلى السماء!
لقراءة المقال كاملا من هنا
27- أريج السحيري: أطرح سؤالًا مهمًا من خلال قصة طفلة «سماء بلا أرض»
قالت المخرجة التونسية الفرنسية أريج السحيري إن فكرة فيلمها الجديد «سماء بلا أرض» وُلدت من صدفة جمعتها بصحفية جنوب إفريقية تعمل قسيسة في كنيسة تقدم الدعم للمهاجرين في تونس. اللقاء أثار فضولها، فبدأت تتأمل في مصير النساء المهاجرات والواقع الذي يعشنه في مجتمع لا يمنحهن الاعتراف الكافي. ومن هنا، بدأت تنسج خيوط حكاية ثلاث نساء تقاسمن رعاية طفلة فقدت أمها في رحلة هجرة مأساوية.
أريج أكدت في حوار لها مع فاصلة، على هامش فعاليات مهرجان كان السينمائي بدورته الـ78، أن توقيت التصوير كان شديد الحساسية، إذ تزامن مع تفاقم أزمة المهاجرين في تونس، ما أضفى على العمل توترًا ومسؤولية مضاعفة. لكنها شعرت بواجب أخلاقي لإتمام الفيلم، لأنه يطرح تساؤلات ضرورية: كيف نعامل من يهاجر إلينا؟ وهل نحن مستعدون لرؤية الإنسان خلف صفة «المهاجر»؟
لقراءة الحوار كاملا من هنا
28- هيفاء المنصور: السوق السعودي بحاجة إلى أفلام جماهيرية تعبّر عن هويتنا
استثنائية هي هيفاء المنصور ليس فقط لأنها أول مخرجة سعودية، ولكن لجرأتها على بلوغ حلمها مهما كانت العقبات، وكسرها لأغلال الرفض المجتمعي للفنون في أكثر الأوقات العصيبة على محبي السينما في المملكة، وإخراجها لـ«وجدة»، أول فيلم طويل يتم تصويره بالكامل في السعودية، عام 2012، تحت ظروف لم تكن سهلة أبدًا.
وها هي تستعد اليوم لطرح أحد أكثر الأفلام السعودية المنتظرة هذا العام «المجهولة»، الذي تجدد فيه تعاونها مع ممثلتها المفضلة ميلا الزهراني، والتي وصفتها في هذا الحوار مع «فاصلة» بأنها أهم وأجمل وجه سينمائي سعودي.
لقراءة الحوار كاملا من هنا