أيام قليلة تفصلنا عن إعلان القائمة الرسمية للأفلام المشاركة بمهرجان «كان» السينمائي (13-24 مايو) في نسخته الـ78، والتي من المتوقع أن تشهد حضورًا واسعًا لعدد كبير من صناع السينما العالمية، بعد أن تجاوز الحدث السينمائي الأبرز في أوروبا عراقيل ضخمة على مدار السنوات الماضية، كجائحة كورونا وإضرابات هوليوود، وبات منصة انطلاق رئيسية للمتنافسين على جوائز السعفة الذهبية ودفعة كبرى للصُناع نحو موسم الجوائز الكبرى.
هذه التظاهرة السينمائية العريقة لا تُشكل محطة فارقة لصناع السينما من أوروبا وأمريكا أو حتى آسيا فقط، بل أصبحت منارة للعديد من الأصوات العربية، الشابة منها والمخضرمة، التي باتت جزءًا أصيلًا من تشكيلة أفلام المهرجان سنويًا. إذ ارتفعت المشاركات العربية من 6 أفلام في نسخة عام 2023، لتصل إلى 8 أفلام خلال الدورة الماضية. ويعكس هذا النمو الملحوظ في عدد المشاركات، الاهتمام الذي يوليه المهرجان بالأفلام القادمة من المنطقة العربية، التي تشهد صناعتها تطورًا ملحوظًا في سرد القصص التي تتماس مع واقعها.
وقبل أن يخرج علينا تيري فريمو، المدير الفني للمهرجان، ظهر الخميس المقبل، لإعلان تشكيلة أفلام النسخة المرتقبة لـ«كان»، نسلّط الضوء على عدد من العناوين العربية المتوقع أن تحجز مقعدًا لها على شاطئ الريفييرا هذا العام.
«لا تصنع لك تمثالًا» لـ كوثر بن هنية
بعد فوزها العام قبل الماضي بجائزة العين الذهبية عن فيلمها التسجيلي «بنات ألفة»، تعود المخرجة التونسية كوثر بن هنية هذا العام بمشروع جديد يحمل اسم «You Shall Not Make an Image»، والذي من المتوقع أن يسجّل حضورها الثاني في المسابقة الرسمية لـ«كان».
تدور أحداث الفيلم حول فتاة تنشأ في ضريح مُخصّص للولي سيدي سردي، تواجه إمامًا مُعاديًا يُريد تحويل منزل عائلتها إلى مسجد. تنقلب حياتها رأسًا على عقب عندما تلتقي بأحمد، المصوّر المُستعد لمساعدتها في تصوير فيلم عن الولي. يُغرقها هذا المشروع في تحقيقٍ آسر، ملحمةٍ عبر تونس والقرن العشرين، تُزعزع معتقداتها الراسخة. إنها قصة عن الحب والأساطير والسينما.

«المجهولة» لـ هيفاء المنصور
أما المخرجة السعودية هيفاء المنصور، فتعود إلى السينما بعد غياب 6 سنوات منذ فيلمها الأخير «المرشحة المثالية»، بفيلم «المجهولة» الذي تشارك في بطولته الممثلة ميلا الزهراني، التي قامت ببطولة فيلمها الأخير أيضًا.
تبدأ أحداث الفيلم، المرجح أن يكون أولى مشاركات المنصور في «كان»، عندما يُعثر على جثة فتاة مراهقة مهجورة في الصحراء. ومع تطور الأحداث، يبدأ كشف لغز معقّد داخل مجتمع تقليدي يمر بتحولات كبيرة، حيث تسعى النساء إلى إيجاد مساحة أكبر لأنفسهن والتحكم في مصيرهن.

«كل ما قبلك» لـ آن ماري جاسر
ويمثّل فيلم الدراما التاريخية «كل ما قبلك»، عودة منتظرة للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، التي غابت عن السينما لمدة 8 سنوات، منذ فيلمها الأخير «واجب»، الذي حصد جائزة تمثيل لبطله محمد بكري في مهرجان «كان» السينمائي عام 2017.
يتناول الفيلم ثورة فلسطين في سنة 1936، التي قادها الفلاحون ضد الحكم الاستعماري البريطاني، ويروي حكاية تاريخية ملحمية عن الانتفاضة التي دارت أحداثها على مشارف القدس، وتم قمعها بواسطة 20 ألف جندي بريطاني.
وقد حققت جاسر إنجازًا كبيرًا بكونها أول مخرجة فلسطينية تصوّر فيلمًا روائيًا طويلًا، وهو فيلم «ملح هذا البحر»، الذي نال استحسان النقاد، وكان ثاني عمل لها يظهر لأول مرة في مهرجان «كان»، ما يعزّز من حظوظ مشروعها الجديد للظهور في النسخة المقبلة من المهرجان.

«شارع مالقة» لـ مريم توزاني
وتُعد المخرجة والممثلة المغربية مريم توزاني، من الأسماء المألوفة في مهرجان «كان»؛ فبجانب مشاركتها كعضو لجنة تحكيم المسابقة الرسمية عام 2023، حظي فيلماها «آدم» و«القفطان الأزرق» بقبول واسع في مسابقة «نظرة ما»، التي شهدت فوز الأخير بجائزة فيبريسي عام 2022.
تعود توزاني هذا العام بفيلم «شارع مالقة»، الذي يروي قصة امرأة إسبانية تبلغ من العمر 74 عامًا، تقاوم قرار ابنتها بيع منزلها في طنجة. تؤدي كارمن مورا، ملهمة المخرج بيدرو ألمودوفار، دور البطولة، حيث تسعى لاستعادة أثاثها ومنزلها، بينما تستيقظ من جديد على الحب والجنس.
ومع وجود مورا ضمن طاقم التمثيل، ولأن هذا المشروع يُعد الفيلم الروائي الطويل الأول باللغة الإسبانية لتوزاني، فإن هناك جاذبية دولية كبيرة ليكون العرض الأول منطقيًا بمهرجان «كان».

«كولونيا» لـ محمد صيام
يعود اسم المخرج المصري محمد صيام إلى الواجهة مرة أخرى مع اقتراب إعلان أفلام مهرجان «كان»، والذي من المتوقع أن يكون واحدًا من المرشحين للمشاركة في أيٍّ من أقسامه التي تركز على الأعمال الأولى لمخرجيها، بفيلمه الروائي الطويل الأول «كولونيا»، الفائز بخمس جوائز ضمن قسم «فاينال كات» في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي العام الماضي.
تدور أحداث الفيلم في إطار درامي حول حدث يجمع أبطال العمل في يوم واحد فقط، ونتيجة لهذا الحدث يضطر الأبطال لمواجهة بعضهم بأشياء لم يبوحوا بها من قبل. يشارك في البطولة أحمد مالك، مايان السيد، عابد عناني، دنيا ماهر.

«خلف أشجار النخيل» لـ مريم بن مبارك
وبعد أن خطفت المخرجة المغربية مريم بن مبارك الأنظار قبل 7 سنوات بفيلمها الطويل الأول «صوفيا»، الفائز بجائزة أفضل سيناريو في مسابقة «نظرة ما» بمهرجان «كان» عام 2018، يعاود اسمها الظهور داخل أروقة «كان» هذه النسخة مع احتمالية مشاركتها بفيلمها الجديد «خلف أشجار النخيل».
يبدأ فيلم «خلف أشجار النخيل» كأنه قصة حب، لكنه يتحوّل تدريجيًا إلى فيلم إثارة نفسي بأجواء قاتمة.
يحكي قصة حب بين مهدي، شاب مغربي متواضع، وماري، مغتربة فرنسية تعيش حياة مترفة. لكن الفيلم يستعرض «القصة الأكبر»؛ تلك التي تحكي عن علاقة الهيمنة التي ما تزال قائمة بين المغرب وفرنسا.

«القصص» لـ أبو بكر شوقي
أما المخرج المصري النمساوي أبو بكر شوقي، الذي وُلد كبيرًا بين أحضان مهرجان «كان» السينمائي بمشاركته في المسابقة الرسمية بفيلمه الطويل الأول «يوم الدين» عام 2018، فيعود بفيلم الدراما التاريخية «The Stories»، الذي من المتوقع أن يحجز مقعدًا له ضمن أفلام «كان».
تدور أحداث فيلمه الروائي الثالث، وهو أحدث أعماله، في حقبتين زمنيتين مختلفتين. مصر، صيف 1967. يتلقى أحمد رسالة من النمسا – ردّت ليز على بحثه عن صديق مراسلة، لتبدأ بينهما صداقة طويلة المدى. ابتداءً من هذا الصيف، ستكتسب جهود أحمد ليصبح عازف بيانو، رغم خلفيته الاجتماعية المتواضعة، زخمًا لا يُقهر، حيث تدفعه ليز نحو هدفه المراوغ: حفل موسيقي عام. معًا، ومع هذا الحلم المشترك، سيعيش أحمد وليز الحرب، وأفراح العائلة، والمعارضة والدراما، والإخفاقات والانتصارات التي هزّت مصر حتى ثمانينيات القرن الماضي.

«عائشة لا تستطيع الطيران» لـ مراد مصطفى
وبعد جولة تطويرية مكثفة شملت مختبرات عدة بمهرجانات «كان» و«فينيسيا» و«تورينو»، من المتوقع أن تتنافس أقسام مهرجان «كان» السينمائي على العرض الأول لفيلم المخرج المصري مراد مصطفى الروائي الطويل الأول «عائشة لا تستطيع الطيران».
يتتبع مراد، الذي شارك قبل عامين في مسابقة «أسبوع النقاد» بفيلمه القصير «عيسى»، في فيلمه الأحدث، حياة مُقدّمة رعاية مهاجرة أفريقية تبلغ من العمر 26 عامًا، تقيم في «عين شمس»، وهو حيّ بالقاهرة يقطنه عدد كبير من المهاجرين الأفارقة. ومن خلال عينيها، يستكشف الفيلم الديناميكيات المعقدة لعالمٍ سمح فيه تجاهل السلطات للتوترات العنيفة بين المصريين والجنسيات الأفريقية المختلفة لعصاباتٍ مختلفة بالسيطرة.

«في همس» لـ ليلى بوزيد
وبعد فيلم «As I Open My Eyes» الذي اختير في مهرجان فينيسيا السينمائي عام 2015، وفيلم «A Tale of Love and Desire» الذي اختُتم به «أسبوع النقاد» في «كان» عام 2021، تعود المخرجة الفرنسية التونسية ليلى بوزيد للواجهة بفيلمها الروائي الطويل الثالث «في همس»، المتوقع أن يُزين قوائم «كان» هذا العام.
تدور أحداث الفيلم في تونس، حيث تلتقي ليليا، خلال جنازة عمها، بعائلة لا تعرف شيئًا عن حياتها في باريس، خاصةً عن حياتها العاطفية. مصممةً على كشف غموض وفاة عمها المفاجئة، تجد ليليا نفسها في مواجهة أسرار عائلية في منزل تعيش فيه ثلاثة أجيال من النساء بين الصمت والتقاليد.
