منذ فيلمها الأول “فيلا 69” بشرت المخرجة المصرية أيتن أمين بميلاد رؤية سينمائية مميزة، ونسجت لنفسها حضورًا لافتًا في وسط السينما الروائية المصرية التي يسيطر عليها الرجال، إلا من عدد قليل من المخرجات اللائي حفرن أسماءهن بصعوبة ولكن وبكفاءة.
أفلامها الثلاثة وأحدثهم “آل شنب” الذي تستقبله دور العرض السينمائي في نهاية يناير الجاري، حققت حضورًا لافتًا في المهرجانات العربية والدولية، ومثل فيلمها الثاني “سعاد” مصر في مسابقة الأوسكار أفضل فيلم أجنبي، وإن لم يوفَّق في الوصول للقائمة القصيرة.
في تجربتها السينمائية الثالثة “آل شنب“، تخوض أمين تجربة جديدة إذ تخاطب جمهور السينما التجارية للمرة الأولى وتخرج عن مشهد السينما المستقلة الذي قدمت من خلاله عمليها السابقين.
تقول أيتن أمين في لقاء خاص مع فاصلة أنها سعت في تجربتها مع “آل شنب” إلى الاقتراب من الجمهور بشكل أكبر عبر خوض تجربة السينما التجارية وتقديم أفلام تشبه الأفلام التي كانت تشاهدها وتحبها في طفولتها، وأنها كانت تنتظر هذه المغامرة منذ سنوات حتى جاء الوقت المناسب لتقديمها.
تعبير “المغامرة” في حديثها معنا ليس مفاجئًا، فهكذا وصفت أمين فيلمها الجديد في عدد من اللقاءات الصحافية التي عقدت معها على هامش مهرجان الجونة السينمائي الذي عقد في مصر الشهر الفائت وشهد العرض الأول لـ”آل شنب”.
تدور أحداث “آل شنب” على مدار عدة أيام في حياة عائلة مصرية منقسمة في الإقامة بين القاهرة لظروف الحياة والإسكندرية مسقط رأسها، لكن العائلة التي تشهد تنافرًا بين أبناء الجيلين الأول والثاني، تجتمع سويًّا لعدة أيام في منزلها على خلفية حالة وفاة، فنرى العلاقات بينهم عن قرب لمدة تزيد قليلًا على 90 دقيقة.
تؤكد أيتن أن فكرة ما يحدث في الجنازة والعزاء بين أبناء العائلة كانت لديها بالفعل منذ فترة طويلة، وفكرت في بعض الأحيان بتقديمها كفيلم قصير لكن قررت تحويلها لفيلم روائي طويل، واحتفظت بمعالجة مكتوبة في ورقة واحدة لديها منذ سنوات، وعملت عليها بالفعل أثناء عملها في مسلسل “سابع جار” لكن شعورها بأنها لن تجد منتج يتحمس للفكرة بجانب انشغالها بالعمل في فيلمها الثاني “سعاد” جعلها تؤجل العمل على المشروع حتى بداية جائحة كورونا تقريبًا.
تمويل أسرع
تشير المخرجة المصرية إلى أن عودة عملها على المشروع مجددًا خلال جائحة كورونا ودخول صديقها أحمد رؤوف معها في كتابة السيناريو ومناقشة الأفكار التي يقدماها ثم انضمام الكاتب الكوميدي إسلام حسام إلى فريق عمل السيناريو ضمن اكتمال المشروع على الورق.
وعلى العكس من الصعوبات التي واجهتها في البحث عن تمويل لمشاريعها السينمائية السابقة؛ كانت تجربتها هذه المرة في الإنتاج “سلسلة نسبيًّا” على حد وصفها، بعدما طلب منها المنتج أحمد بدوي مشاهدة فيلمها “سعاد” وأعجب به وسألها عما إذ كان لديها مشروع تريد تقديمه، فعرضت عليه فكرة “آل شنب” وتحمس للفكرة وبدأت مرحلة التنفيذ.
لا تخفي أيتن أمين قناعتها بأن هناك علاقة بين فيلمها الأول “فيلا 69” الذي قدمته قبل 11 عامًا وفيلم “آل شنب” من حيث التطرق لحياة الأسرة والعائلة، مع الاختلاف في التفاصيل من العائلة الصغيرة في الفيلم الأول للعائلة الممتدة في الفيلم الجديد.
ورغم وجود مجموعة كبيرة من النجوم بالفيلم منهم ليلى علوي، لبلبة، سوسن بدر، هيدي كرم، وخالد سرحان إلا أن المخرجة المصرية تؤكد عدم وجود صعوبة في إقناعهم بالعمل لإعجابهم بالسيناريو وحماسهم له، لافتة إلى أن ليلى علوي وافقت على السيناريو وطلبت الجلوس معها لفهم رؤيتها كمخرجة في تنفيذ دورها وتنفيذ الفيلم.
فريق كبير… تحضيرات أكبر
تؤمن أمين بالدور المهم الذي تلعبه الجلسات التحضيرية في خلق التواصل مع الممثلين ما يجعل إدارة عدد كبير منهم في البلاتوه وأمام الكاميرا مهمة أقل صعوبة. فالفيلم فيه 16 ممثل في أدوار رئيسية، والجلسات التحضيرية والبروفات لعبت دورًا كبيرًا في أن يصل فريق العمل للتفاهم الذي يراه المشاهد على الشاشة.
تصف أمين تلك التحضيرات لـــفاصلة وتقول: جلسات البروفات التحضيرية التي جمعتني مع الممثلين بشكل منفرد للحديث عن تفاصيل الدور وحتى خلفيات الشخصيات غير الموجودة في السيناريو بالإضافة إلى البروفات الجماعية التي سبقت التصوير، كلها ساهمت في الحالة التي سيراها المشاهد على الشاشة.
من صعوبات التصوير في الفيلم وفق المخرجة المصرية وجود عدد كبير من الممثلين في نفس المشهد، وهو الأمر الذي كان يرهق الجميع بالتصوير ويجعل بعض الفنانين موجودين في تصوير مشهد واحد يتحدثوا فيه كلمتين فقط يوم كامل، إلى جانب البروفات المطولة للمشاهد الجماعية والتي كانت تستغرق ساعات طويلة وتظهر لوقت قصير للغاية على الشاشة.
وتترقب أمين ردود فعل الجمهور مع طرح الفيلم تجاريًا بالصالات السينمائية، فمع الانتقادات التي طالته عند العرض الأول بمهرجان الجونة السينمائي الشهر الماضي، ترى أيتن أنها ذهبت بالفيلم إلى منطقة جديدة، مؤكدة على أنها لا تفكر فيما يريده الجمهور أو النقاد أو المهرجانات أو حتى شركات الإنتاج والمانحين أو أي شخص خلال العمل على تحضير فيلم سينمائي؛ لأن هذا الأمر لن يكون مفيدًا للفنان الذي يريد تقديم فن حقيقي، وسيشعره بقيود يجب التعامل معها، وبالتالي تقدم ما تريده وتراه مناسبًا مع مراهنة على أن “ما تعمل عليه سيجد من يتحمس لتقديمه”.
لا ترى أيتن في الانتقال للمساحة التجارية عيبًا؛ لكنها في الوقت نفسه تحتفظ بحقها في تقديم أعمال متنوعة وعدم حصرها في نوعية محددة من الأفلام، لكون التجريب من حق الفنان ولا يمكن منعه من أن يجرب في عمله ما يريد أن يقدمه، لافتة إلى أن لديها مشاريع سينمائية أخرى على غرار “سعاد” تعمل عليها بالفعل.
اقرأ أيضا: “أغلق عينيك”… البحث عن الذاكرة داخل علب الخام المنسية