فاصلة

مراجعات

فيلم «ريستارت».. أغلقه ولا تفتحه مرة أخرى

Reading Time: 4 minutes

ربما كلمة «ريستارت Restart» والتي تعني الإطفاء ثم إعادة التشغيل، من أكثر المفردات الإنجليزية المستخدمة في حياتنا اليومية، خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع الأجهزة الإلكترونية، لديك مشكلة في الاتصال بالإنترنت؟ «ريستارت»، جهاز الكمبيوتر أصبح بطيئًا؟ «ريستارت». رغم ما يبدو عليه الأمر من بساطة وعدم وجود تدخل فعلي لحل المشكلة، لكن «الريستارت» عادةً ما ينجح في حل المشكلة بالفعل.

الفيلم الأحدث للمطرب والممثل تامر حسني يحمل اسم «ريستارت»، وهو التعاون الثاني له مع السيناريست أيمن بهجت قمر في السينما بعد «البدلة» الذي كان من أنجح وأفضل أفلام تامر حسني، والثالث مع المخرجة سارة وفيق، بعد «تاج» و«مش أنا».  

 
بينما ينطلق الفيلم من فكرة انغماس الناس حاليًا في شاشات هواتفهم المحمولة والعالم الافتراضي بشكل أكبر من الواقع، وهو أمر لا يخلو من صحة، فإنه يقدم معالجته بشكل شديد السطحية وموغل في القِدَم، وربما تشعر أنك شاهدته عشرات المرات من قبل، حتى يبدو أن صُنّاعه لم يُقدموا على أي «ريستارت» لما أرادوا أن يقدموه، ليمنحوا لأنفسهم فرصة تقديمه بشكل أفضل.  

يتابع الفيلم «محمد» (تامر حسني) الذي يرغب في الزواج من عفاف (هنا الزاهد)، ومن أجل جمع المال، يُقدم هو وأسرته على صناعة «تريند» على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يجذب إليهم الجوكر (باسم سمرة) الذي يتولى أعمالهم ويسيطر على حياتهم تمامًا، فيتغير مسار الأسرة كلها نتيجة لذلك.  

تبدو الفكرة معاصرة وتأثيرها حي وملموس بالفعل، أحلام الثراء عبر فيديوهات و«تريندات» مواقع التواصل الاجتماعي حقيقية، واحتفاء شريحة كبيرة من المتابعين بالمحتوى الغريب الخارج عن المألوف أصبح متكررًا. من هذه الزاوية يلتقط مؤلف الفيلم فكرة طريفة، إذ يجعل الأسرة تربي حمارًا في البيت مما يجعلهم على قمة المشاهدات، وربما كانت هذه من الأفكار القليلة الموفقة بالفعل في الفيلم، إذ توضح سذاجة بعض ما يتصدر المتابعة، لكن في مقابل هذه الفكرة، تأتي أغلب تفاصيل الفيلم قديمة جدًا.

فيلم ريستارت (2025)
فيلم ريستارت (2025)

البداية عند أبعاد شخصية محمد التي لا تختلف كثيرًا عن أبعاد أغلب الشخصيات التي يلعبها تامر حسني في أفلامه. الذكر مفتول العضلات الذي يحبه الجميع، حتى أن الفيلم يبدأ بمحمد وهو يسير في الشارع ويحيي جميع من فيه ليردوا له التحية بكل الحب، وبالطبع هو مثالي، وحتى عندما يخطئ فهو من المثالية بحيث يصحح أخطائه بنفسه. أما بقية الشخصيات فهي لا تزيد عن كونها زيادات تدور في فلك شخصيته.

 فلدينا بالطبع الفتاة الجميلة الساذجة عديمة الشخصية والتي سيمارس عليها البطل تسطله الذكوري حتى يأمرها بما تلبسه أو لا تلبسه حتى داخل بيتها قبل زواجهم. ثم هناك القريبة كبيرة السن (ميمي جمال) التي تمثل صوت الحكمة، والتي تلقي للجيل الجديد النصائح وتحاول إعادته إلى رشده، وأخيرًا هناك الشقيق الأكبر لمحمد (محمد ثروت) وهو -بالطبع- النقيض في كل شيء، سطحي وساذج ولا يهمه غير الحصول على المزيد من النقود، والهدف من وجوده هو إضفاء المزيد من المثالية على محمد من خلال التناقض بينهما. الشخصية الوحيدة التي كانت جيدة إلى حد ما هي الجوكر، فهي شخصية تحاول التكيف والتغير طبقًا للأحداث، ويضيف إليها بالطبع الأداء الجيد من باسم سمرة.  

فيلم ريستارت (2025)
فيلم ريستارت (2025)

لا يتوقف التكرار عند أبعاد الشخصيات بل يمتد بالطبع إلى شكل الكوميديا المستخدمة، والتي تعتمد على الكثير من الصفعات والضربات من تامر لبقية الممثلين والممثلات، بجانب الكثير من التلميحات الجنسية المعتادة في أفلام تامر حسني، والتي نذكر منها أن الاسم الذي اتخذته الأسرة على السوشيال ميديا هو «عيلة الأحِبّّة» ولاحظ عزيزي القارئ أننا كتبناها بالتشكيل، في حين أن المقصود هنا هو السخرية من الخطأ الذي يمكن أن ينتج عن قراءة نفس الكلمة بتشكيل آخر. للتوضيح، لا توجد مشكلة أبدًا في استخدام الجنس داخل الأفلام، لكن الغريب أن يحصل الفيلم على تصنيف جمهور عام للعرض في مصر. وربما يمكن أن نذكر أيضًا التوظيف المعتاد، الذي يفترض صناع الفيلم أنه لا زال مضحكًا، للممثل طاهر أبو ليلة ليتحدث بطريقته المعتادة ويسخر منه تامر بطريقته المعتادة أيضًا.  

فيلم ريستارت (2025)
فيلم ريستارت (2025)

هذه التركيبة من الأمور المستهلكة تمامًا كان يمكن ابتلاعها لو كان سيناريو الفيلم نجح في استغلال فرضية شاهدناها في إعلان الفيلم، وهي انقطاع الإنترنت تمامًا عن مصر والعالم نتيجة لقطع الكابلات البحرية التي توصل الإنترنت. لكن للأسف فهذا التحول في الأحداث لا يظهر إلا في الفصل الأخير من الفيلم ويُعالج بطريقة سريعة جدًا، من خلال مانشيتات من هنا وهناك عن نتائج انقطاع الإنترنت، وتصبح الأزمة الأكبر للشخصيات في انعدام إمكانية الحصول على النقود من البنوك نتيجة تعطل الشبكات. لكن إذا لا يأخذ هذا الفصل حيزًا كبيرًا من الأحداث فإن الحل يأتي بشكل سريع ومن خارج عالم الشخصيات من الأساس، ولكن لا مشكلة فالأهم هنا هو وصول «الرسالة» حتى لو كان ذلك على سبيل صناعة دراما مقنعة وجيدة من الأساس، وهو أمر ليس بجديد على أفلام تامر حسني، وخاصة تلك التي تخرجها سارة وفيق التي تتعامل مع مشاهد الفيلم وكأنها فيديو كليب، فالمشهد يمكن أن يكتفي بذاته كفكرة أو كأسلوب، ولا يهم أن يكون مرتبطًا بالعمل ككل.

اقرأ أيضا: «المشروع X»… هل فكرتم ما الذي تعنيه إكس؟

شارك هذا المنشور

أضف تعليق