تبدأ الليلة 15 فبراير، فعاليات الدورة الرابعة والسبعين لمهرجان برلين السينمائي الدولي، وتمتد عروضها وأنشطتها حتى 25 من الشهر نفسه.
هذه الدورة تسبق الدورة الماسية التي يغير فيها المهرجان جلده العام المقبل، وتأتي بعد عام سينمائي حافل بالأفلام المميزة التي أنعشت صناعة السينما وكان لبرلين فيها دور خاص، فهو ليس فقط أحد المهرجانات الثلاثة الأهم والأكبر عالميا “رفقة كان وڤينيسيا”، لكنه ربما الأكبر على المستوى الجماهيري ضمن مهرجانات الصف الأول في العالم بمبيعات تذاكر تجاوزت 400 ألف تذكرة في بعض السنوات.
اليوم نرشح لكم 10 أفلام مرتقبة للمشاهدة والمتابعة، فإن لم تتسن لكم فرصة زيارة برلين فلتشاهدوها في قاعات العرض القريبة منكم أو في الدفء الوثير لمنازلكم عند طرحها على منصات المشاهدة الرقمية قريبًا.
أشياء صغيرة كهذه
Small things like these
هذا هو الفيلم الأيرلندي المُختار لافتتاح المهرجان، والذي يشارك – على غير عادة أفلام الافتتاح- في المسابقة الرسمية للمهرجان.
الفيلم هو الأحدث للمخرج البلجيكي تيم ميلانتس عن رواية بنفس الاسم للكاتبة الأيرلندية كلير كيجان.
يرتقي الفيلم لصدارة ترشيحاتنا للمشاهدة لسببين، الأول هو أنه من بطولة الأيرلندي كيليان ميرفي، الرجل الذي يعيش أفضل لحظات شهرته السينمائية هذه الأيام، وربما ينتظر أن يحصد جائزة الأوسكار عن أداءه في ملحمة كريستوفر نولان “أوبنهايمر”. والثاني أن الفيلم يدور عن أحداث مستوحاة من الواقع، عن أحد المغاسل المجدلية التي أدارتها الراهبات في أيرلندا حتى وقت قريب، حيث كانت – ظاهريًا- تأوي النساء المنبوذات ممن حملن خارج إطار الزواج؛ وتشغلهم في أعمال يدوية وخدمية تابعة للملجأ. لكن عمليًا؛ كانت تلك النساء والفتيات يتعرضن لصنوف من التعذيب البدني والنفسي أشده عنفًا انتزاع مواليدهن وشحنهم لتتبناهم الأسر الثرية في أمريكا واستراليا.
في فيلم افتتاح البرليناله؛ يصطدم بطل الحكاية بهذه التفاصيل المرعبة في أحد أيام عطلة الكريسماس الهادئة في بلدته.
اقرأ أيضا: في افتتاح بيرليناله 74: «أشياء صغيرة كهذه»… بين منطقية المعطيات وفتور النتائج
ماء العين
Who do I belong to
ترشيحنا الثاني يذهب للفيلم الروائي الطويل الأول للمخرجة التونسية مريم جوبار. برليناله يضم في مسابقته الرسمية فيلم جوبار ليس لغرض التنوع العرقي والتمثيل الثقافي فقط؛ لكن لأن مخرجته لديها أسلوب سينمائي ينبئ بمستقبل سينمائي كبير.
الفيلم القصير الأخير لجوبار والذي حمل اسم “إخوان” تم ترشيحه للأوسكار، أما عن فيلمها الطويل المرتقب في برلين فتدور أحداثه أيضًا في موضع ليس بعيدًا عن السياسة، حيث أم تونسية في قرية صغيرة ترى نذير في حلمها فيما يعود ابنها من الحرب برؤية متشددة وظلام يهدد بابتلاع كل شيء.
ما يحتاجه المسافر
A traveller’s needs
خلال السنوات الأربعة الأخيرة، عرض مهرجان برلين ضمن فعالياته 5 أفلام للمخرج الكوري الجنوبي الشهير “هونج سانج سو”، وهذا هو الفيلم السادس.
سانج سو إذن هو واحد من المفضلين بشكل واضح لدى مبرمجي برلين، ويمثل هذا الفيلم تعاونه الثالث مع الفرنسية الأيقونية “إيزابيل هوبير” في فيلم ناطق بثلاث لغات: الكورية، الإنجليزية والفرنسية. هل سينجح سانج سو مرة أخرى في حصد أحد دببة برلين كما فعل في 2022 حينما حصد جائزة لجنة التحكيم الكبرى؟
شاي أسود
Black tea
قليلون في المنطقة العربية وفي أفريقيا قد حصدوا هذا الكم من الجوائز والشهرة النقدية عالميًّا مثل المخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو، الرجل الذي ترشح فيلمه تمبكتو Timbuktu للأوسكار منذ 9 أعوام، يحضر هذا العام للمرة الأولى في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين.
فيلمه الأحدث شاي أسود Black tea لا يستند فقط على تاريخ مخرجه؛ لكن أيضًا على حكاية تبدو مبشرة: سيدة إيڤوارية ترفض الزواج وتترك بلدها لتبدأ حياة جديدة في الصين. فيلم يعد بألوان زاهية وقصة حب محتملة.
رجل آخر
A different man
فيلم المخرج الأمريكي “أرون شيمبيرج” أقنع مبرمجي برلين 74 بأحقيته بالمنافسة في المسابقة الرسمية، رغم كونه قد عرض بالفعل ضمن فعاليات مهرجان صاندانس 2023.
شيمبيرج أحد المخرجين الفائزين بجائزة مهرجان “بالم سبرينج” في فئة “مخرجين يجب متابعة أفلامهم”، يقدم هنا فيلم شبهه البعض بمزيج بين أعمال “تشارلي كوفمان” و”ديفيد لينش”.
نحن أمام ممثل يعاني من تشوه نتيجة مرض “الورم العصبي الليفي” يجد نفسه أمام فرصة لتغيير ملامحه بالكامل، هل يعني هذا أن تتغير حياته؟
رجل الفضاء
Spaceman
قد يبدو Spaceman للوهلة الأولى فيلماً منزلياً يصلح للمشاهدة على الشاشة الصغيرة في إحدى ليالي الشتاء رفقة “نيتفلكس”، لكن الفيلم الذي يحظى بعرضه الخاص في برلين يعد بأكثر من ذلك.
آدم ساندلر يعود مرة أخرى بملامح غير كوميدية، ليذكرنا بقيمته كممثل تم التقليل منه كثيراً وحصره طويلا في دور “الأبله”، رفقة فريق تمثيلي يجمع معه “بول دانو”، “كاري موليجان”، ونجم Big bang theory “كونال نايار”.
بجانب آدم ساندلر يبدو اسم مخرج هذا العمل واعدا للغاية، والحديث هنا عن المخرج السويدي “يوهان رينك”، وهو من يعتبره كثيرون أهم مخرج إعلانات على مستوى العالم، لكن رينك الحائز على جائزتي “إيمي”، هو مخرج تليفزيوني مميز أيضاً، بل إن عمله في مسلسل تشيرنوبل “Chernobyl” يمكن وصفه بأنه سينمائي بامتياز. هل يمثل Spaceman إذن نقطة إنطلاق سينمائية بشكل جديد لمخرجه وبطله؟
متل قصص الحب
Diaries from Lebanon
الفيلم اللبناني الوثائقي لمريام الحاج يحمل اسم كليشيهي تماماً بالإنجليزية “يوميات من لبنان”، اسم يشبه كثير من الأفلام الوثائقية التي خرجت من الوطن العربي عقب الثورات والحروب، لكنه يحمل اسم أكثر رقه وغواية وأصالة بالعربية وهو “متل قصص الحب”.
الفيلم يقدمه صناعة كحكاية لبنانية تم تصويرها خلال 4 سنوات من التظاهر والتوق للحرية، الأزمات الاقتصادية، والثورة. عن بشر يحاولون الحياة بينما ينهار العالم. يعرض الفيلم ضمن فعاليات قسم “بانوراما” ويحظى باهتمام خاص، ليس فقط لنا كنقاد عرب؛ ولكن أيضا لكافة حضور برليناله في توقيت صعب لكل الجالية العربية في برلين.
الحب يرقد نازفًا
Love lies bleeding
رفقة a Different man الذي ينافس في المسابقة الرسمية، فإن هذا الفيلم أيضا من إنتاج A24، شركة الإنتاج التي بدأت صغيرة ثم أصبحت سريعًا علامة على الأفلام ذات المحتوى السينمائي الطازج.
فيلم المخرجة الإنجليزية “روز جلاس” يقدم في بطولته رئيسة لجنة تحكيم برلين السابقة “كريستين ستيوارت”، هنا كمديرة صالة جيم تقع في حب لاعبة كمال أجسام، قصة الحب تتحول لرحلة طريق لا تخلو من الأكشن والرعب في بعض الأحيان، الفيلم عُرِض أيضا في مهرجان صندانس السينمائي، لكنه يحضر مرة أخرى في برليناله ضمن العروض الخاصة.
المطبخ
La Cocina
أحد المفضلين لدى مبرمجي مهرجان برلين أيضاً، المكسيكي ألفونسو لويز بالاسيوس، فبعد فوزه بجائزة العمل الأول في برلين 2014 والدب الفضي لأفضل سيناريو في 2018، يعود لويز بالاسيوس هذا العام بفيلم La Cocina الذي تدور أحداثه في مطبخ بمدينة نيويورك حيث تمتزج الأطعمة والثقافات.
سبب آخر لوضع هذا الفيلم ضمن ترشيحاتنا هو فريقه التمثيلي الذي تقوده الأمريكية “رُوني مارا” التي يمكن اعتبارها واحدة من أفضل ممثلات جيلها على مستوى الاختيارات وأيضًا على مستوى التقمص.
نهاية أخرى
Another End
بالحديث عن القدرات التمثيلية الفائقة؛ يحضر الفيلم الأحدث للمخرج الإيطالي “بييرو ميسينا” والذي يحمل اسم “نهاية أخرى” بفريق تمثيلي مميز أيضاً، فالفيلم على مستوى البطولة الرجالية يقدم “جايل جارسيا بيرنال”، الوجه المكسيكي المألوف الذي بدأ مشواره السينمائي قبل 23 عاما رفقة المخرج المكسيكي الأوسكاري “ألفونسو كوارون” ليصبح اليوم أيقونة مكسيكية مؤهلة لتجسيد “زورو” الذي يقوم بيرنال ببطولة حكايته السينمائية الجديدة في فيلم يجري تصويره حاليًا.
أما على مستوى البطولة النسائية فنتطلع لمشاهدة النرويجية “ريناتي رينسف” التي تابعنا محبة الجمهور الشديدة لها في فيلم “يواكيم ترير” الذي حمل اسم “أسوأ شخص في العالم”.
نحن أمام ثنائي تمثيلي مثالي لصنع قصة حب تستحق المشاهدة، الفيلم يعد بقصة حب تستمر رغم رحيل أحد أطرافها، هنا ننتظر كيف سيحدث هذا.
أفلام تجدر الإشارة إليها:
يجدر الإشارة بالتأكيد لوثائقي
Made In England: The Films of” Powell & Pressburger ” الذي يقوم “مارتن سكورسيزي” المتوج بالدب الذهبي الشرفي بتقديمه صوتيًّا، وفيلم “Abiding Nowhere” للمخرج الماليزي تساي مينغ-ليانغ، وهو فيلم بلا حوار، يتتبع فقط كاهنًا يمشي وسط شوارع وأماكن مختلفة، وسط تجربة سينمائية من نوع خاص يميز مهرجان برلين. وأخيراً فيلم “كعكتي المفضلة” أو “my favourite cake” للثنائي الإيراني “مريم مقدم” و”بهتاش صناعي ها” اللذان تم منعهما من حضور المهرجان في حدث يذكرنا بما حدث للمخرج الإيراني “محمد رسولوف” الذي تم منعه من حضور المهرجان في 2020 ليفوز فيلمه في النهاية بالجائزة الكبرى.
اقرأ أيضا: بين لجان التحكيم والمنافسة في المسابقات.. حضور عربي لافت في “برلين”