فاصلة

حوارات

صانع «سينماتولوجي»: شغفي بالسينما المصرية لم ينقطع بالهجرة إلى الغرب

Reading Time: 4 minutes

على مدار عقد من الزمن، ومن خلال قناة يوتيوب بدأها بجهد شخصي ومن دون دعم إنتاجي، أسماها “سينماتولوجي“، استطاع صانع المحتوى المصري محمد أبو سليمان إثبات مكانته واحدًا من الجادين في مناقشة الأعمال السينمائية المختلفة، واستخدامها مدخلًا لمناقشة قضايا سينمائية وثقافية في رحلة تتم في أغسطس المقبل عشر سنوات، منذ أطلق قناته في أغسطس 2015. خلا هذا العقد، شهدت السينما المصرية والعربية تغيرات وتحولات كثيرة استطاع أن يواكبها، كما واكب التغيرات التي طرأت على المحتوى المقدم عبر المنصات.

في مقابلة مع فاصلة تحدث محمد أبو سليمان عن تجربته عبر اليوتيوب التي بدأت هواية وتطورت ليصبح أحد محترفي تقديم المحتوى، ومسيرته في الانخراط بالسينما بشكل أكبر مع تغير مساره من الهندسة إلى الإعلام، وتجاربه في كندا ومصر وغيرها من المحطات التي شكلت وجدانه.

يذكر محمد كيف بدأت رحلته مع السينما عام 2008، عندما قرر التخلي عن دراسة الهندسة والتوجه لدراسة السينما في كندا، يحكي لـ فاصلة: “لم أشعر أن الهندسة هي شغفي الحقيقي، فقررت دراسة السينما والعمل على إنتاج أفلام وثائقية قصيرة، أول فيلم وثائقي لي كان لصالح ناشيونال جيوغرافيك، ثم قدمت عملًا آخر للجزيرة. وانخرطت في العمل في مجال الإعلانات بكندا، لكن عندما عدت إلى مصر، بدأت خوض تجارب مختلفة”.

عند عودته إلى مصر في 2010، عمل أبو سليمان مع المخرج هاني خليفة والمنتج عمرو قورة، وكان أو لاعماله منتجًا فنيًا هو مسلسل الجامعة لهاني خليفة الذي عرض في رمضان 2010. كما أخرج عدة حلقات من برنامج الأطفال الشهير “عالم سمسم”. يُعد أبو سليمان تلك الفترة الأولى فترة مليئة بالتجارب، اكتسب خلالها خبرات جديدة بالعمل المتنوع بين الدراما وبرامج الأطفال، ما أضاف إلى خبرته مخرجًا ومنتجًا. لكنه لم يستمر طويلًا في مصر، ودفعته التحولات الكثيرة التي شهدتها البلاد في السنوات التالية للعودة إلى كندا ليؤسس شركة صغيرة متخصصة في إعلانات الخدمة العامة. لكن السينما وما يجري فيها ظل يشغله، وكان لا بد أن يجد طريقً يشتبك فيه مع قضايا السينما، ومن هنا ولدت “سينماتولوجي”.

سينماتولوجي
أرض الخوف (رحلة أدم) – قناة سينماتولوجي (2015)

في عام 2015، أطلق محمد قناة “سينماتولوجي” على يوتيوب، ليقدم محتوى تعليمي وتحليلي عن السينما المصرية والعالمية. يقول أبو سليمان إنه استوحى الفكرة من الفيديوهات التحليلية الأجنبية: “أردت أن أقدم شيئًا مشابهًا بالعربية، خاصة عن السينما المصرية التي أعتبرها مدرسة عظيمة. بدأت بتحليل الكلاسيكيات مثل ” الزوجة الثانية” و”في بيتنا رجل”، لأوضح للناس كيف تمتاز السينما المصرية بفنيات متفردة”.

لاقت الفيديوهات الأولى على القناة، والتي بدأها أبو سليمان بفيديو عن تكوين الكادر في سينما يوسف شاهين، ردود أفعال إيجابية شجعته على الاستمرار، ليستمر في تناول كلاسيكيات السينما المصرية، مركزًا بعض الوقت على الأفلام المأخوذة عن روايات نجيب محفوظ الذي خص أبو سليمان علاقته بالسينما بعدة حلقات. 

تحديات الملكية الفكرية

يؤكد محمد أبو سليمان لـ فاصلة أنه واجه تحديدات كثيرة لكن أكثرها صعوبة، هي تلك المتعلقة بتقديم برنامجه في سياق قوانين الملكية الفكرية. يقول: “كانت التحديات كبيرة. حاولت الوصول إلى جهات مثل روتانا وMBC (التي تملك حقوق معظم كلاسيكيات السينما المصرية)، لكن للأسف، التعامل كان صعبًا للغاية. الكثير من الفيديوهات تم حذفها، ورغم أن الهدف تعليمي، إلا أن ذلك لم يشفع لي”، مشيرًا إلى أن المحتوى الأجنبي كان أكثر مرونة في هذا الجانب.

وأضاف “لم أواجه مشكلات مع شركات الإنتاج الأجنبية، على العكس، قدمت محتوى عن أفلام ليوسف شاهين بالتعاون مع شركة أفلام مصر العالمية، وكان التعاون احترافيًا للغاية”، لافتا إلى أن هذه العقبات جعلته يقلل من إنتاج الفيديوهات التحليلية والتركيز على أشكال أخرى من المحتوى.

الانتقال إلى البودكاست

في أعقاب جائحة كورونا في 2020 و2021، قرر صانع المحتوى الانتقال إلى صناعة البودكاست للتواصل مع جمهور القناة. يقول أبو سليمان “كانت لدي شبكة علاقات جيدة مع صناع محتوى وفنانين، لذلك فكرت في استضافة شخصيات مختلفة عبر البودكاست، استضفت براء حمدان من السعودية، محمود مجدي، عمر أبو المجد، وكذلك فنانين مثل أحمد كمال وأحمد أمين”، لاحقًا قرر أبو سليمان تقديم بودكاست أسبوعي مع صديقه إسماعيل راضي، مشيرًا إلى أن ذلك ساعده على الاستمرار في ظل صعوبات تقديم البرنامج وسط تحديات الملكية الفكرية. 

وعلى الرغم من الصعوبات التي يلاقيها في تعرضه لها عبر برنامجه، يؤكد أبو سليمان أن السينما المصرية هي محور اهتمامه الأساسي، مضيفًا “هدفي أن أُظهر جمال السينما المصرية وأسلوبها الفني المتميز، أريد أن أجعل الجمهور يفهم قيمة الأفلام الكلاسيكية وكيف كانت السينما المصرية مدرسة عالمية”.

وأشار إلى أنه يطمح للتوسع في تقديم محتوى عن السينما العربية، خاصة السودانية واللبنانية الأمر الذي أرجعه إلى وجود كنوز في السينما العربية تحتاج إلى تسليط الضوء عليها، الأمر الذي يدفعه لمحاولة الألمام أكثر بالسينما العربية وتاريخها.

محمد أبو سليمان وإسماعيل راضي
محمد أبو سليمان وإسماعيل راضي

الجمهور والمنافسة

اعتبر أبو سليمان أن جمهور قناته بالوعي السينمائي والقدرة على خوض نقاشات ثرية: “لدي 108 آلاف متابع، وأشعر أن كل واحد منهم جاء لأنه مهتم حقًا بما أقدمه. لا أبحث عن زيادة الأرقام بقدر ما أبحث عن جمهور حقيقي يتفاعل مع المحتوى”، مضيفًا “كل صانع محتوى له بصمته الخاصة، هناك مساحة للجميع، وأنا أشجع الشباب الذين يدخلون هذا المجال لأنهم يقدمون إضافات قيمة”.

وحول نصيحته لصناع المحتوى الجدد، قال “الاستمرارية هي أهم شيء. إذا لم يكن لديك جدول واضح، ستفقد جمهورك. لا تجعل هدفك هو الأرقام فقط، بل قدم محتوى يعكس شغفك الحقيقي”.

وأوضح صانع المحتوى المصري أنه يعتبر نفسه صانع أفلام أكثر من ناقد، قائلًا “أنا لا أركز على نقد الأفلام بقدر ما أركز على تحليلها وتقديرها. إذا لم يعجبني فيلم، ببساطة لا أتحدث عنه. أرى أن دوري هو مشاركة حبي للأفلام مع الجمهور”.

وأضاف أنه يعمل حاليًا على كتابة فيلم وثائقي قصير، مشيرًا إلى أنه يسعى للاستمرار في صناعة الأفلام جنبًا إلى جنب مع تقديم محتواه التعليمي.

اقرأ أيضا: هاني أبو أسعد: الرهان على الموهبة هو السلاح الأقوى

شارك هذا المنشور

أضف تعليق