فاصلة

حوارات

حمدي الفريدي: «هوبال» فرصة مهمة ولم أتردد في اغتنامها

Reading Time: 6 minutes

لفت نجاحه في صناعة المحتوى الكوميدي الأنظار بعد سلسلة من السكتشات التمثيلية القصيرة التي قدمها فانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لتلقطه عينا المخرج عبد العزيز الشلاحي، ويختاره للمشاركة في بطولة فيلمه الأحدث «هوبال». في بطولته السينمائية الأولى يخطو صانع المحتوى السعودي حمدي الفريدي خطوة لم يتوقع أن تكون بداية للمسار الذي رسمه لنفسه وتحقق طموحه في دخول عالم التمثيل.

في حواره مع فاصلة، تجلت لنا الطزاجة التي يقارب بها الفريدي عمله السينمائي والتي انعكست على أدائه الذي جاء يحمل كثير من التلقائية والبراءة. يتحدث الفريدي لـ فاصلة عن تجربة التمثيل الاحترافي تحت إشراف المخرج، وتحضيرات الوقوف أمام كاميرات السينما وتجربة الاحتكاك بصناع سينما سعوديين لهم تجارب سابقة، والعوامل التي ساعدته على تقديم دوره بشكل حصد عنه إشادات عديدة.

نعرف أن «هوبال» لم يكن أول فرصة سينمائية تُعرض عليك، فلم اخترت أن تكون بدايتك السينمائية في هذا الفيلم؟ 

– بصراحة، الأمر يتعلق بعدم وجود الفرصة التي شعرت بأنها تناسبني. الفرص كانت موجودة، ولكن ليس بالشكل الذي كنت أطمح إليه. كنت أرى أن البداية يجب أن تكون تدريجية، من خلال السوشيال ميديا والسكتشات، ثم المشاركة في حلقات مسلسلات، إلى أن يصل الشخص إلى القمة، التي تتمثل في المشاركة في فيلم سينمائي، الذي أعتبره خطوة كبيرة وتتطلب أن يمتلك الفنان خبرة وسيرة ذاتية قوية. لقد أتيحت لي بعض الفرص في السابق، لا سيما خلال مواسم رمضان في السنوات الماضية، ولكنني لم أشعر أن تلك الأدوار كانت تناسبني أو تمكّنني من تقديم شيء مميز للجمهور.

أما «هوبال»، فقد كان مختلفًا تمامًا. منذ أن قرأت السيناريو، شعرت بأنه العمل الذي كنت أبحث عنه. الشخصية كانت قريبة جدًا من حياتي وبيئتي التي عشتها بالفعل، وهذا ما جعلني واثقًا من قدرتي على تقديم الدور بأفضل صورة. الحمد لله، بعد عرض الفيلم، كان التفاعل إيجابيًا للغاية، وأنا سعيد بهذه الخطوة الأولى في عالم السينما.

فيلم ( هوبال - 2024)
فيلم ( هوبال – 2024)

هل صحيح أن الفيلم عُرض عليك قبل بدء التصوير ببضعة أيام؟ ألا ترى أن ذلك مغامرة؟ وما الضمانات التي جعلتك تقبل بهذه السرعة؟

– نعم هذا صحيح. كانت مدة قصيرة جدًا، حوالي عشرة أيام لكني لست متأكدًا بالضبط. أذكر أن الفريق قال لي: «هذا السيناريو، يجب أن تقرأه خلال يومين وتعطينا ردك». تخيل أن السيناريو مكون من 120 صفحة؟!

 قرأت السيناريو كاملًا وركزت على دوري، ثم بدأنا بروفات الطاولة بعد أسبوع في الرياض، واستمرت البروفات لمدة أسبوعين. ثم أكملت التحضيرات. لذا، نعم، كانت المدة قصيرة. لكنني لا أعتبر ذلك مغامرة. المغامرة هي أن تخطو خطوة وأنت غير واثق من نفسك أو لا تعرف إلى أين ستقودك. أما في حالتي، فقد كنت واثقًا من الفكرة والشخصية، ولهذا لا أرى أنها مغامرة.

حمدي الفريدي
فيلم ( هوبال – 2024)

* ألم يساورك القلق حول استقبال جمهورك المعتاد على السوشيال ميديا لدورك في الفيلم؟ 

– سأكون صادقًا معك. حتى عندما بدأت في الحديث مع عبد العزيز (المخرج) عن الأفلام السعودية التي شارك فيها هو أو غيره، أخبرته أنني لم أشاهد أي فيلم سعودي من قبل. أتذكر أنه قال لي: «يا أخي، جامل على الأقل»، لكنني كنت صريحًا معه، وقلت له: «أنا أقول لك الحقيقة. لم أشاهد أي فيلم». وهذا يعود لمشكلة يواجهها الكثير من صناع المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يكون وقتك مليئًا بالتصوير، وإعداد السكتشات، وتصوير المشاهد اليومية. ليس لدينا رفاهية الجلوس لمتابعة فيلم أو عمل سينمائي يمتد لساعات لهذا كدت أعمل على الفيلم من دون أن أكون قد شاهدت أية أفلام سعودية على الإطلاق. 

لكن عبد العزيز أصر وقال لي: «يجب أن تشاهد فيلم «حد الطار» وسنتحدث عنه بعد يومين». وافقت وتابعته في الليل كاملًا، في اليوم التالي قلت له: «صدقني، معتوقة أبدعت في (حد الطار)، ولم أكن أعلم أنها بهذا المستوى في التمثيل». وبعد ذلك بدأت أتابع الأفلام السعودية أكثر، وأدركت أهمية هذا الأمر، يجب أن أكون على معرفة بالمناخ السينمائي الذي صرت جزءًا منه. فعندما أتحدث عن السينما السعودية أو أعلق على خطواتها، سواء بالإيجاب أو الانتقاد، يجب أن أكون مسؤولًا عما أقول. بمعنى أنه من الضروري أن تكون لدي خلفية ومعلومات واضحة عن السينما السعودية. وهذا ما جعلني أدرك أهمية متابعة أعمالها والاطلاع عليها بشكل أكبر.

حمدي الفريدي
فيلم حد الطار (2020)

*هذا أول عمل لك تخضع فيه لإشراف مخرج محترف -عبد العزيز الشلاحي- معروف بإدارته المحكمة للممثلين، فكيف وجدت التجربة معه؟ وكيف أثر العمل معه على مقاربتك للشخصية التي قدمتها؟ 

– بالفعل، في السكتشات كنت أنا المخرج لنفسي؛ كنت أصور المشهد وأراجعه في الكاميرا، وإذا لم يعجبني، أعيده مرة أخرى حتى أصل إلى النتيجة التي ترضيني. لكن مع هذا الفيلم، الوضع كان مختلفًا تمامًا. في البداية، كنت أقول للمخرج: «هل يمكنني رؤية اللقطة؟» لكنه كان يرد بحزم: «لا، ليس دورك أن تقرر جودة اللقطة». وأحيانًا، كنت أطلب إعادة المشهد لأنني شعرت أنني أستطيع تقديمه بشكل أفضل، لكنه كان يقول لي: «أنت ركّز في أدائك، وإذا احتجنا إلى إعادة سأخبرك. المهم أن تقدّم أفضل ما لديك من البداية». هذا الأسلوب كان جديدًا وصعبًا علي في البداية، لأنني اعتدت على التحكم الكامل بكل التفاصيل في السكتشات. هذه التجربة جعلتني أدرك مدى اختلاف السينما عما أقدمه، وأن أقدر أدوار فريق العمل الكبير خلف الكاميرا، وكل إعادة للمشهد تعني إعادة ترتيب الإضاءة، الكاميرات، والتحضيرات، وهذا قد لا يكون ممكنًا دائمًا فيما أقدمه من اسكتشات.

تعلمت أن أتعامل مع كل مشهد وكأنه الفرصة الوحيدة، وأعطي كل ما لدي من أول مرة. صحيح أنه كانت هناك بعض الإعادات أحيانًا، بسبب أمور خارجة عن إرادتي، مثل أداء الممثلين الآخرين أو رؤية المخرج، لكنني كنت أعمل وكأن المشهد لا يمكن أن يُعاد.

حمدي الفريدي
فيلم ( هوبال – 2024)

*ما أصعب شيء واجهته أثناء تصوير الفيلم خصوصًا وأنك جلست في البر (الصحراء البعيدة عن المناطق المأهولة) نحو شهرين؟

– هي  كانت 45 يومًا فقط. بالنسبة لي لم يكن قضاء وقت طويل في البر (الصحراء) صعبًا. فأنا من أهل البر، ومن أهل القصيم تحديدًا. معتاد على الكشتات (رحلات التخييم) والطلعات، لذا لم يكن البر تحديًا بالنسبة لي.

*إذاً  الالتزام بقواعد العمل ومواعيد التصوير هي الأصعب في ظل اعتيادك على مرونة العمل في إنتاج محتواك الخاص؟

– ربما كان ذلك صعبًا، لكني اعتده وألفته، واعرف أنه ضرورة لا غنى عنها لإنتاج الفيلم. بصراحة لا يمكنني أن أحدد أن هناك شيء بعينه كان هو الأصعب في تلك النقلة إلى السينما. 

*حضرت عرض الفيلم مع الجمهور في القصيم يومين متتاليين، كيف كان شعورك وأنت بينهم؟ وكيف وجدت ردود افعالهم؟ لأنها لاشك تختلف عن العروض الخاصة المليئة بأصدقائك الخاصيين ؟

– أجمل شعور عشته في حياتي .. لاتتصور يا أحمد أنها كانت  من أجمل التجارب . ردود أفعال الناس وتعليقاتهم أوضحت لي سبب تفاعلهم مع بعض مشاهد بعينها في الفيلم. حضرت ثلاثة أو أربعة عروض وشاهدت هذا التفاعل بنفسي. أدركت أن ردود أفعالهم صادقة وحقيقية، وهو أمر أسعدني كثيرًا.

حمدي الفريدي
فيلم ( هوبال – 2024)

*وكيف وجدت العمل مع ممثلين محترفين مثل مشعل المطيري وميلا الزهراني، خاصة وأنها تجربتك الأولى في التمثيل السينمائي؟

– الانسجام في العمل معهم كان ممتازًا. بالنسبة لميلا، لم يكن بيننا الكثير من المشاهد المشتركة. الجمهور لاحظ ذلك أيضًا، لأن مشاهدنا كانت قليلة جدًا، بل حتى في واحدة من اللقطات سألتني سؤالًا ولم أرد عليها، وكان هناك تعليق من أحدهم يقول: «لماذا لم ترد عليها؟» وكان واضحًا أن المخرج أراد أن يبقي على المسافة بين الشخصيتين. أما مشعل، فكان تعامله رائعًا جدًا.  أنا مؤمن تمامًا بأن السر في نجاح أي مشهد يكمن في المجموعة كلها، وليس في فرد واحد. مشعل كان سر من أسرار نجاح شخصية «بتال»، لأنه في مشاهد مثل الهوشة (المشاجرة)، جعلني أشعر بالفعل أنه غدر بي وأخذ حبيبتي. هذا الشعور انعكس على أدائي وجعل المشهد قويًا، وخلف الكواليس، كان مشعل يقدم لي نصائح قيّمة، فهو رجل له باع طويل وخبرة واسعة في هذا المجال.

حمدي الفريدي
فيلم ( هوبال – 2024)

* هل ستبدأ في أعمال جديدة على الفور بعد «هوبال»؟ أم لديك خطة أخرى؟  

– جاءني عرض لمسلسل في رمضان هذا العام، لكنني رفضته، لأنني لم أرغب في الاستعجال. كان العرض لمسلسل وقالوا لي إنني سأكون مرشحًا لأربع حلقات، والحقيقة أنه كان عرضين لمسلسلين وليس واحدًا فقط. لكنني رفضت لأنني أردت أن أكون حذرًا في اختياراتي قدر الإمكان.

 أعرف أن هذا النهج قد يكون مرهقًا لي في المستقبل القريب، لأنني أتمسك بمبدأ واضح: إما أن أقدم شيئًا أفضل من «هوبال»، أو لا أقدم أي شيء. وهذا هو المنهج الذي التزمت به طوال 10 سنوات على وسائل التواصل الاجتماعي. كنت دائمًا أقول: «إما أن يكون المشهد أفضل من سابقه، أو لا أصوره».

بالنسبة للمسلسلين الذين عُرضا عليّ، كانا يتضمنان حلقات بسيطة ولم أكن مقتنعًا بهما. الأمر الثاني هو أنني لم أرغب في أن يراني الجمهور بصورة مختلفة بعد «هوبال». قررت أن أنتظر ردود فعل الناس ومستوى رضاهم عن الشخصية في «هوبال». والحمد لله، الآن أعتقد أن قراري كان صائبًا بعدم قبول المسلسلين. لأنني بصراحة لا أعتقد أنهما كانا سيقدمانني للجمهور بنفس القوة التي قدمني بها الفيلم.

اقرأ أيضا: ميلا الزهراني: تركيزي ينصب على الأدوار المهمة أكثر من السعي للقب «النجمة»

شارك هذا المنشور

أضف تعليق