فاصلة

مراجعات

«النور»… أرواح سورية وثلوج تفتتح البرليناله

Reading Time: 3 minutes

بينما نحاول تجنب الإنزلاق على أرصفة برلين نتيجة للثلوج المتراكمة، وقع المخرج الألماني توم تيكفر بفيلمه الجديد «النور» (The Light)، في فخ من المواضيع المتشابكة واللغات المتعددة والأساليب السردية التي لا نهاية لها. الفيلم الذي افتتح مهرجان برلين (13 – 23 شباط)، مفرط في الحركة وممل في آن واحد، يسعى للغموض، لكنه لا يستطيع إخفاء رسالته السياسة التي تظهر بوضوح كما النور.

تيم (لارش أيدنغر) وزوجته ميلينا (نيكوليت كريبيتز) وتوأمهما فريدا (إلكي بيسندورفر) وجون (يوليوس كاز) وابن ميلينا الأخر ديو (إلياس ألبريدج)، هم عائلة ألمانية حديثة من الطبقة المتوسطة تعيش في شقة في برلين. تمكنهم عاداتهم من الحفاظ على حياتهم منفصلة حتى أثناء وجودهم في البيت. الأب الذي يروج لشعارات خيرية لشركات كبيرة، والأم التي تأتي وتذهب من أفريقيا في محاولة عبثية لتحسين الظروف الاجتماعية هناك، دون أن تدرك العفن الذي ينتشر في منزلها، والابنة المنغمسة في تدمير الذات، والابن المحبوس في غرفته منغمسًا في ألعاب الفيديو الواقعية الافتراضية، يُجبرون على إعادة التواصل مع بعضهما البعض، عندما تصل فرح (تالا الدين)، مدبرة المنزل الجديدة. حيث ينقلب كل شيء راسًا على عقب، وتواجه الأسرة عواقب أفعالها وتتعامل مع أسرارها المدفونة منذ فترة طويلة.

The Light (2025) النور
The Light (2025)

نرى فرح لأول مرة في شقتها، وهي تواجه مصباح، ينير وجهها بأضواء ساطعة، يُطلق عليه اسم لوسيا (Lucia Light)، طوره في النمسا معالج نفسي وطبيب أعصاب كشكل من أشكال العلاج، وتستخدمه فرح للتغلب على صدمة كبيرة في حياتها. يدخل الضوء والوميض واسع الطيف إلى جسمها من خلال عيونها المغلقة، يسترخي جسمها، بينما ينبض عالمها اللاواعي بالحياة، وتتواصل مع من فقدتهم. مع تقدم الفيلم تعرّف فرح العائلة كلها على هذا المصباح، بينما تتقرب منهم جميعًا، في محاولة منها لتعويض نفسها عن عائلتها الذين أخذتهم الحرب السورية منها، وأيضًا لسبب آخر متطرف يتضح مع تقدم الفيلم وفي الخاتمة الأوبرالية المبالغ فيها.

يفضل تيكفر تزيين فيلمه المتوسط الجودة، والمناسب جدًا كفيلم افتتاح لمهرجان مثل برلين، وحبكته التقليدية إلى حد ما بأساليب متعددة، مما يتيح له إضافة الكثير من القصص الخلفية للشخصيات، ودراما مختلفة، ووقفات موسيقية ورسوم متحركة. يحاول تيكفر تجريب أساليب سرد مختلفة، ويعرّج الطريق التي نصل بها إلى الأعماق الداخلية لشخصياته، ولكن معظم هذه التوجهات السردية تبدو وكأنها تخدم تيكفر نفسه كمخرج أكثر مما تخدم الفيلم. من ناحية، من المثير للأعجاب أنه يسعى لمنحنا الكثير من التفاصيل والأفرع لنتمسك بالقصة والشخصيات. لكن، من ناحية أخرى، يبدو أن تيكفر لا يعلم تمامًا إلى أين يريد أن يصل أو كيف يخلق اتصالًا عاطفيًا مع الجمهور، رغم اللحظات الحالمة والموسيقية العديدة التي أعطتنا بعض الوقت للتنفس والاستمتاع، والذي يبقى معنا بعد نهاية هذا الهجين المتناثر.

The Light (2025)
The Light (2025)

واضحة هي فكرة تيكفر في جعل فرح شخصية محورية ضمن عائلة تمثل تفاهات الطبقة المتوسطة في الغرب، بينما يحاول في فيلمه التلاعب بالجروح العميقة لوعي ألمانيا الذاتي في تعامها مع طالبي اللجوء. ولكن كل هذا مبالغ فيه، في أسلوب غير متوازن، وغير استفزازي، حتى الإطار الخارق للطبيعة والروحاني يبدو ساذجًا في مكان ما. يفتقر الفيلم إلى الإثارة، لا يزعج، ولكن بعد ساعتين ونصف تقريبًا، يبدو كل شيء بسيطًا وساذجًا، لأن كل شيء بالنسبة لتيكفر يبدو ثانويًا مقارنة باهتمامه بأسلوبه الإخراجي والسردي.

اقرأ أيضا: برليناله 75: كل ما تريد معرفته عن أفلام المسابقة الرسمية

شارك هذا المنشور

أضف تعليق