لأول مرة في تاريخ مهرجان كان، تُفتتح الدورة الثامنة والسبعون بفيلم روائي لمخرجة تقدم عملها الطويل الأول. اختارت إدارة المهرجان الفنية فيلم «إجازة ليوم واحد Partir Un Jour» للفرنسية أميلي بونين، ليفتتح المهرجان خارج مسابقته الرسيمة، والأصح كان أن يكون هذا الفيلم خارج المهرجان كُليًا.
فيلمها الروائي الطويل الأول، هو نسخة عن فيلمها القصير الحائز على جائزة سيزار سنة 2023، والذي حمل الاس نفسه «إجازة ليوم واحد». قدمت بونين فيلمًا خفيفًا جدًا: كوميديا موسيقية، لا أثر فيها للُّطف ولا البهجة. فيلم نمطي لا يحاول أن يكون جيدًا، بل ولا يمكن وصفه بالسوء أيضًا. وبالتأكيد لم يكن ليُسمع عنه خارج فرنسا لولا عرضه في كان.
«إجازة ليوم واحد» فيلم لا يحتاج إنفاق الوقت في القراءة والنقاش. قصته بسيطة للغاية، قبل أسبوعين من افتتاح مطعمها الباريسي، تتلقى سيسيل (جولييت أرمانيت) الفائزة ببرنامج «توب شيف» خبرين في اليوم نفسه: الأول أنها حامل من صديقها وشريكها في العمل سفيان (توفيق جلّاب)، والثاني أن والدها أٌصيب بنوبه قلبية ثالثة. الأول ليس بالأمر الجلل، فهي لا تريد أطفالًا. الثاني يقلقها أكثر، فتقرر زيارة أهلها في المدينة التي نشأت فيها. يمتلك والدا سيسيل مطعمًا شعبيًا تقليديًا، معظم زبائنه من سائقي الشاحنات، ستبقى سيسيل معهما تساعدهما، وتلتقي بمجموعة من أصدقاء المدرسة الذين لم ترهم منذ وقت طويل، ومنهم رافايل (باستيان بويون) حبيب طفولتها.

تقول بونين عن فيلمها: “أردت تصوير امرأة في هذا العمر لأنه عصر مفعم بالحيوية. لقد تجاوزنا شبابنا، وفي الوقت نفسه، لا يزال أمامنا الكثير لننظر إليه ونجد له حلولا”، لكن هذه الكلمات لا علاقة لها بجوهر الفيلم ولا بالقصة، حاولت بونّين تقديم شيئًا من لا شيء. فحمل سيسيل لا يمثل أزمة درامية تبحث البطلة لها عن حلول، فقرارها محسوم من أول الفيلم، وعلاقتها مع والديها ليست معقدة في الأصل.
«إجازة ليوم واحد»، هو بالأحرى عمل موسيقي أحيانًا عندما تظهر الأغاني وتؤديها الشخصيات. كل الأغنيات نسخ معدلة من أغاني فرنسية أو أوروبية اشتهرت في العقود الأخيرة. وباستثناء جولييت أرمانيت، المعروفة كمغنية أكثر من ممثلة، لا يجيد أي من الممثلين الغناء. لكن هذا لا يهم؛ مع منطق الفيلم السخيف، ولدت هذه الأغاني تنافرًا كبيرًا.

«إجازة ليوم واحد»، هو مجرد فيلم آخر من بين أفلام عديدة تدور حول شخص يعود إلى مدينته التي نشأ فيها ليتواصل مجددًا مع أصوله وأصدقاء طفولته وعائلته. فيلم بونّين لا يتجاوز ذلك، ولا يهرب من هذه الصيغة ولا يتظاهر حتى بأنه يتجاوزها.
«إجازة ليوم واحد» فيلم بلا طعم ولا رائحة، هلامي المظهر لا تشتهي حتى مشاهدته. فيلم مجرد من العاطفة، لا تستطيع حتى أن تأخذه على ما هو عليه. قال تييري فريمو خلال المؤتمر الصحفي عند عرض الأفلام المشاركة في المهرجان، أن فيلم «إجازة ليوم واحد»، يذكره بآلان رينيه، لا أعرف إلى أي مدى يُعد ذلك أمرًا جيدًا عندما نتحدث عن أول عمل لمخرجة جديدة. لا شك أن رهان فريمو كان جريئًا، ولكن النتيجة: هدف في مرمى المهرجان.
اقرأ أيضا: كانّ 2025: أجيال تتقاطع في دورة تجمع السياسي بالحميمي