فاصلة

أخبار وتقارير

أوسكار 2025.. فيلم «Anora» يتربع على عرش الجوائز

Reading Time: 5 minutes

أسدلت أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة الستار في الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين، على حفل توزيع جوائز الأوسكار السابع والتسعين والذي أقيم بمسرح دولبي الأسطوري، في ليلة سجلت انتصارًا ساحقًا وتاريخيًا للسينما المستقلة، وللصورة التي تريد هوليوود أن يُنظر إليها بها، واستفتاءً على حالة صناعة السينما.

كانت هذه هي العناوين العريضة التي سطرتها هوليوود بعد أن حطم فيلم «Anora» – ذو الميزانية المنخفضة (6 ملايين دولار تقريبًا) – التمثال الضخم لما يعرف بـ«الأفلام الضخمة». فاز فيلم شون بيكر، والذي يدور حول عاملة جنس تنجح سريعًا في الزواج من ابن أحد الأثرياء الروس، بخمس جوائز أوسكار من أصل ست رُشِّح لها. ما بدا جديدًا ومختلفًا هو أنه من خلال تكريم فيلم مستقل لم يسبق للغالبية العظمى من مشاهدي البث التلفزيوني رؤيته، فإن حفل توزيع جوائز الأوسكار، الذي أعاد هيبة الأفلام المستقلة، قد أكد على ما قد يصبح سريعًا هويته الجديدة كحفل جوائز متخصص.

أوسكار 2025

افتتح الحفل باستعراض غنائي مبهر بصريًا لبطلتي فيلم «Wicked»، حيث قدمت أريانا غراندي استعراضًا لأغنية «Somewhere Over the Rainbow»، ثم انضمت إليها سينثيا إيريفو لأداء أغنية «Defying Gravity»، التي كانت ساحرة للغاية. ثم خرج مقدم الحفل كونان أوبراين، الذي أبدع في أول ظهور له كمضيف لحفل جوائز الأوسكار، حيث سار على الخط الفاصل بين السخرية والعاطفة، سواء من خلال السخرية على الوقت التشغيلي لفيلم «The Brutalist»، أو تعديل كارثة كارلا صوفيا جاسكون بطريقة تقطع أي حرج ناتج عن وجودها، أو ملاحظة أن «بوب ديلان أراد أن يكون هنا الليلة، ولكن ليس بشدة»، ويمكن القول بأنه تفوق على الأداء الذي قدمه جيمي كيميل، في حفلات سابقة.

ومن الملاحظات المثيرة للاهتمام، أن عملية تنظيم الجوائز نفسها اعتمدت على أفضل الابتكارات في السنوات الأخيرة لجعل كل فئة تبدو ذات مغزى، وهذا اتضح بشكل رائع خلال تسليم جائزة أفضل تصميم مناظر.

بدأ كيران كولكين، الذي فاز بجائزة أفضل ممثل مساعد عن فيلم «A Real Pain»، رفع حرارة الحفل بعدما قام برفع الرهان على الإنجاب الذي عقده مع زوجته في خطاب قبوله لجائزة إيمي، وأنه الآن بعد فوزه بجائزة الأوسكار، يريد إنجاب طفل رابع. أما النجمة زوي سالدانا، فاعتذرت للمكسيكيين أثناء خطاب قبولها جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم «Emilia Pérez»، بسبب الصورة التي صدرها العمل لبلدهم: «بالنسبة لي، لم يكن قلب هذا الفيلم هو المكسيك. كنا نصنع فيلمًا عن الصداقة. كنا نصنع فيلمًا عن أربع نساء».

وبعد فوزه بجائزة السيناريو الأصلي، ثم جائزة المونتاج، بدا وأن المخرج شون بيكر في طريقه لليلة من الأرقام القياسية، فقد تم تكريم بيكر عن فيلم «Anora»، لإنتاجه وإخراجه وتحريره وكتابة سيناريو الفيلم، ليصبح أول شخص يفوز بأربع جوائز أوسكار عن نفس الفيلم. وكان هذا احتضانًا غير عاديًا من قبل صناعة الترفيه لصانع أفلام عمل إلى حد كبير خارجها، حيث صنع أفلامًا منخفضة الميزانية مثل «Tangerine» و«The Florida Project». ولحسن حظه كان أحدث أفلامه مفضلًا لدى النقاد، وكان نجاحه في الأوسكار بمثابة لحظة حاسمة للسينما المستقلة وكذلك لشركة نيون، الموزع المستقل الذي قاد سابقًا فيلم «Parasite» إلى إنجاز تاريخي عام 2020.

شون بيكر-  أوسكار (2025)
شون بيكر- أوسكار (2025)

ووجه بيكر كلمته لصناع الأفلام أثناء خطاب قبول الجائزة: «استمروا في صنع أفلام للشاشة الكبيرة. وأنا أعلم أنني سأفعل ذلك». وأضاف: «نحن جميعًا هنا الليلة ونشاهد هذا البث لأننا نحب الأفلام. أين وقعنا في حب الأفلام؟ في دار السينما. إن مشاهدة فيلم في دار السينما مع الجمهور هي تجربة. يمكننا أن نضحك معًا ونبكي معًا، وفي وقت يمكن أن يشعر فيه العالم بالانقسام الشديد، فإن هذا أكثر أهمية من أي وقت مضى. إنها تجربة جماعية لا تحصل عليها في المنزل. والآن، أصبحت تجربة الذهاب إلى المسرح مهددة».

وبعد 22 عامًا على فوزه بالأوسكار عن فيلمه «The Pianist»، عاد النجم أدريان برودي إلى منصة مسرح دولبي مجددًا لاستلام جائزة الأوسكار الثانية له، عن دور الناجي من الهولوكوست، لكنه يختلف كثيرًا عن الناجي الأول الذي لعبه مع رومان بولانسكي. وقال برودي خلال خطاب قبول الجائزة: «أنا هنا مرة أخرى لأمثل الصدمات المتبقية وتداعيات الحرب والقمع المنهجي ومعاداة السامية والعنصرية والتمييز بين الأعراق. أدعو الله أن يكون العالم أكثر صحة وسعادة وشمولاً، وأعتقد أن الماضي إذا كان بوسعه أن يعلمنا أي شيء، فهو تذكيرنا بعدم ترك الكراهية دون رادع».

أدريان برودي
أدريان برودي – أوسكار (2025)

وكانت جائزة أفضل ممثلة رئيسية واحدة من أكبر المفاجآت والغرائب خلال حفل الأوسكار؛ إذ كانت كل التوقعات تشير تجاه النجمة ديمي مور «The Substance» لنيل أول أوسكار لها في مسيرتها، والذي سيكون من الصعب تكراره مرة أخرى، قبل أن تقلب مايكي ماديسون الطاولة وتفوز بالجائزة عن دورها في «Anora».

قالت ماديسون في بداية كلمتها: «هذا أمر غريب للغاية. لقد نشأت في لوس أنجلوس، لكن هوليوود كانت دائمًا بعيدة عني، لذا فإن وجودي هنا والوقوف في هذه الغرفة اليوم أمر لا يصدق حقًا». وتابعت: «أود أيضًا أن أشيد بالعمل المدروس والذكي والجميل والرائع الذي قام به زملائي المرشحون. يشرفني أن يتم تكريمي إلى جانبكم جميعًا. هذا حلم تحقق».

مايكي ماديسون
مايكي ماديسون – أوسكار (2025)

وشهدت فئة أفضل فيلم وثائقي مفاجأة كبرى بفوز الفيلم الفلسطيني «لا أرض أخرى» للمخرجين يوفال أبراهام، وباسل عدرا، وحمدان بلال، وراشيل سزور، ويتتبع قصة عائلة فلسطينية تهجرها الحكومة الإسرائيلية من منزلها في الضفة الغربية. وفي مواجهة الدمار الذي يحدث والأرواح التي تُزهق، تنشأ صداقة غير متوقعة بين عدرا وأبراهام.

وقال عدرا خلال خطاب قبول الجائزة: «ندعو العالم إلى اتخاذ إجراءات جدية لوقف الظلم ووقف التطهير العرقي للشعب الفلسطيني. منذ شهرين تقريبًا أصبحت أبا وأملي لابنتي ألا تعيش نفس الحياة التي أعيشها الآن».

يوفال أبراهام، وباسل عدرا
يوفال أبراهام، وباسل عدرا – أوسكار (2025)

وفي كلمته، أشار أبراهام إلى أنه يعيش هو وعدرا حياة «غير متساوية». وقال: «نحن نعيش في نظام حيث أنا حر بموجب القانون المدني وباسل يخضع لقوانين عسكرية تدمر حياته ولا يستطيع السيطرة عليها. هناك طريق مختلف، حل سياسي بدون تفوق عرقي، مع حقوق وطنية لكلا شعبينا».

وكان من بين الأرقام التاريخية التي تحطمت خلال حفل الأوسكار، حيث فاز المخرج والتر ساليس بجائزة أفضل فيلم دولي عن فيلمه «I’m Still Here»، ليصبح أول فيلم في تاريخ البرازيل يتوج بالأوسكار. وقال ساليس خلال خطاب قبول الجائزة: «أنا فخور جدًا بحصولي على هذه الجائزة…».

شارك هذا المنشور