أكد الناقد المصري الكبير كمال رمزي على أن إبداع الناقد يبدأ من استقلاليته، مشيراً إلى أهمية اجتناب النقاد مشاهدة الأفلام الجديدة ضمن العروض الخاصة بحضور أبطال وصناع العمل وأصدقائهم، كي لا يتأثر بالانطباعات العاطفية للحضور، أو عبارات المدح والمجاملات التي تتحكم فيها المصالح، بجانب ردود الفعل الإيجابية أو السلبية، أثناء العرض أو بعده.
وخلال حديثه في ماستر كلاس بعنوان «خمسون عاماً من النقد السينمائي» ضمن فعاليات النسخة الثانية من مؤتمر النقد السينمائي المقام حاليًا في الرياض، والتي أدارها الناقد المصري محمد طارق، قال رمزي إن مهنة الناقد تهدف لتمييز الجيد من الرديء، حتى مع اختلاف المناهج التي يتبعها النقاد في نقدهم الفني، مشيراً إلى وجود من يهتم بالمضمون وبالشكل ومن يهتم بالأداء التمثيلي ويركز عليه ومن يكون اهتمامه الأكبر بالمؤثرات الصوتية والجوانب الفنية المصاحبة للعمل.
كما أشاد الناقد بوجود تجارب عديدة لنقاد شباب يقدمون نقدًا سينمائيًا جيدًا للأعمال الفنية المختلفة، لافتًا إلى تطور النقد مع مرور الوقت وظهور نهضة سينمائية من فنانين جدد ينتمون لعدة بلدان عربية، متوقعًا أن يكون لصناعة السينما العربية شأن كبير قريبًا، في ظل التجارب الجيدة التي تُقدم، والطفرة النوعية التي حدثت بالسنوات الأخيرة ووجود لحظات إبداعية مختلفة في العديد من الأفلام بما فيها تجارب يمكن وصفها بـ«المتوسطة».
وأوضح أن النقد الفني ليس سهلًا لكونه قائم على تراث طويل من التحقق في الفنون المختلفة وتحليل الجوانب الفنية بالعمل الفني، الأمر الذي يتطلب دراسة متعمقة في الفنون وليس في السينما فحسب، لذا يجب على الناقد استيعاب العديد من الجوانب الفنية لتحليلها عند كتابة نقده الفني، لافتا إلى أن الناقد عندما يُدلي برأيه يُفند أسباب إعجابه أو انتقاده للعمل على العكس من المشاهد الذي يقول رأيًا في المطلق.
أكد كمال رمزي أن مهنة النقد السينمائي تحتاج لمشاهدة دؤوبة للأفلام السينمائية ومستمرة وفهم لطبيعة المجتمع الذي يقدم السينما وغيرها من الأمور التي تتطلب تركيزًا، فلا ينصح مثلًا بالذهاب لمشاهدة فيلم سينمائي من دون تهيئة نفسية وصفاء ذهني للتركيز في العمل، لافتا إلى أن شخصية الممثل في العمل وطريقة تعامله قد تترك أثرًا داخل الناقد.
فيما اعتبر أن الخطوط الفاصلة في العلاقة بين صناع الأعمال الفنية والنقاد تجعل هناك احترامًا متبادلًا وصداقة، مشيراً إلى أن كل مقال يكتبه يتذكر فيه أستاذه يحيي حقي وحديثه معه عن أهمية الاختزال وعدم استخدام حرف «الواو» بكثرة من المقالات.
ووصف الفيلم الذي يُعطي المشاهد أملًا في تحقيق العدالة، وإحساسًا بالطاقة بأنه عمل جيد، بينما اعتبر أن الفيلم السيئ هو الذي يترك المشاهد بأحاسيس الضعف.
في نهاية حديثه، رفض كمال رمزي السخرية من أي فكرة أو مقترح لتقديم فيلم أو تجربة شابة حتى لو لم تكن قوية باعتبار أن مثل هذه التجارب سيكون من بين أصحابها نجوم في المستقبل، وفي مراحل معينة يكون الموهوب بحاجة إلى تشجيع، معتبرًا أن إرسال رسائل مُحبطة للشباب أمر غير حميد لأن من بينهم سيخرج نجوم المستقبل الأمر الذي عاصره بنفسه خلال فترة عمله بوزارة الشباب والرياضة في مصر.
اقرأ أيضا: خيري بشارة: فشلي في التمثيل دفعني للإخراج