في خطوة نوعية تؤكد التزام هيئة الأفلام بدعم الحراك الثقافي والسينمائي على الصعيدين المحلي والإقليمي، أعلن الأرشيف الوطني للأفلام التابع للهيئة عن إطلاق مبادرة معرفية شاملة تحمل عنوان «سينماء»، تهدف إلى تعزيز الفهم العميق لفن السينما، وتوسيع دائرة التفاعل النقدي والمعرفي حوله.
تمثل «سينماء» منصة متعددة المسارات، تشمل إنتاج ونشر محتوى بصري، سمعي، ومقروء، لتخاطب شرائح متنوعة من المهتمين بالسينما وصناعتها ونقدها، بما في ذلك القضايا المتقاطعة معها معرفيًا وثقافيًا. وتسعى المبادرة إلى بناء بيئة حوارية تسهم في تطوير المشهد السينمائي السعودي، وتغذّي فضاء النقاش والبحث في هذا الفن المتجدد.
وجرى خلال حفل الإطلاق الرسمي تدشين الموقع الإلكتروني الخاص بالمبادرة، إلى جانب حساباتها على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، والتي بدأت بالفعل في تقديم محتوى نوعي يتضمن مقالات وتحليلات ومساهمات من نخبة من النقاد والباحثين والكتّاب والمترجمين، ما يجعل «سينماء» بوابة معرفية متجددة لكل من يتطلع إلى استكشاف آفاق جديدة في السينما.
وعن هذه الخطوة، صرّح الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام، عبدالله بن ناصر القحطاني، قائلًا: «نخطو اليوم نحو مرحلة جديدة نطمح من خلالها إلى تحويل السينما إلى منصة تعليمية وتفاعلية تجمع الشغوفين بهذا الفن، وتمنحهم أدوات التحليل والنقد والتوثيق. المبادرة ليست مجرد أرشيف أو منصة نشر، بل مساحة حية للتلاقي الثقافي وبناء الوعي النقدي، بما يسهم في صناعة سينمائية سعودية حديثة وجذابة.»
وتزامنًا مع إطلاق المبادرة، وقّعت هيئة الأفلام مذكرتي تفاهم استراتيجيتين؛ الأولى مع هيئة الإذاعة والتلفزيون لتنسيق الجهود في دعم المحتوى السينمائي وتمكين الكفاءات الوطنية، وتعزيز مكانة المملكة في حفظ وصون الإرث السينمائي، والثانية مع الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين (FIPRESCI) لتعزيز التعاون الدولي في مجال النقد، وفتح الأبواب أمام النقاد السعوديين للمشاركة في محافل ومنصات سينمائية عالمية، وتبادل الخبرات مع نظرائهم من حول العالم.
كما شهدت الفعالية إعلانًا مهمًا بتأسيس «جمعية نقاد السينما»، وهي أول كيان مهني مستقل في المملكة يُعنى بالنقد السينمائي، ويهدف إلى تطوير الحراك النقدي، وتمكين أعضائه محليًا ودوليًا، إضافة إلى ترسيخ الثقافة السينمائية في الأوساط الإبداعية والجماهيرية.
على هامش الحدث، استعرض الأرشيف الوطني للأفلام مشاريعه الحالية، والتي تتضمن مبادرات نوعية مثل: «إيداع الأفلام»، و«سجل الأفلام السعودية»، وسلسلة «التاريخ الشفهي للشاشة العربية»، بالإضافة إلى مشروع «توثيق التاريخ الطبيعي والثقافي للمملكة». كما تم تسليط الضوء على الجهود المتواصلة في مجالات حفظ وترميم ورقمنة الأفلام، إلى جانب الأبحاث والدراسات التي تهدف إلى جعل الأرشيف الوطني مركزًا مرجعيًا لصنّاع الأفلام والباحثين ومحبي السينما في المملكة والمنطقة.