يشكل استطلاع الرأي الذي أعلنه «المركز السعودي لاستطلاعات الرأي» مؤخرًا حول منصات المشاهدة الأكثر استخدامًا في المملكة العربية السعودية بوصلة تؤشر نحو فهم توجهات الجمهور وأولوياتهم في التعامل على هذه المنصات، الأمر الذي يشكل فرصة لمديري محتواها ومسؤوليها للاستفادة من البيانات التفصيلية المقدمة في الاستطلاع للبناء عليها وتحسين تواجدهم في السوق السعودي.
جزء من أهمية الاستطلاع تمكن في المكانة التي يتسم بها السوق السعودي لدى المنصات وصناع السينما والدراما، باعتباره السوق الأكبر خليجيًا، والأهم عربيًا من حيث عدد المشتركين بالمنصات مقارنة بعدد السكان والمقيمين، في ضوء النمو المضطرد خلال السنوات الماضية، وتعدد المنصات العربية والعالمية التي تسعى لإيجاد موطئ قدم في هذا السوق المهم.
نُفِّذ الاستطلاع على أساس علمي مع عينة ممثلة قوامها 1322 سعوديًا ممن تخطت أعمارهم 18 عامًا، ممثلين لنحو 96% من المجتمع السعودي وفق مسوح الهيئة العامة للإحصاء، مع حساب معامل خطأ قدره 2.74% زيادة أو نقصان وهو هامش يجعل من مصداقية نتائج الاستطلاع كبيرة مع التعمق في البيانات التفصيلية عن العينة التي شملها والتي اختير أفرادها ليمثلوا مختلف مناطق السعودية.
الاستطلاع الذي قارن بين استخدام الجمهور لمنصات المشاهدة خلال عام 2023 والنصف الأول من 2024، حافظت فيه منصتي «شاهد» و«نتفليكس» على الصدارة، تلتهما منصة STC TV التي زاد عدد مشتركيها بنسبة 1% خلال العام الحالي، في وقت سجلت «نتفليكس» Netflix تراجعًا ملحوظًا بنسبة 11% في 2024 مقارنة بالعام الماضي، وهي نسبة كبيرة مقارنة بنسب التراجع لباقي المنصات والتي لم تزد عن 5% كما حدث مع منصة «أبل» Apple tv.
لكن أرقام «نتفليكس» المتراجعة في الاستخدام لم تجعلها تغيب عن البقاء بالمركز الثاني بنسبة 31% خلف منصة «شاهد» التي تصدرت بواقع 47%، فيما كان لافتًا استمرار تراجع حصة عدد من المنصات منها «ديزني بلس» Disney+ التي انخفضت حصتها من 6% إلى 4% فقط، بينما حافظت منصة «برايم فيديو» على حصتها في السوق بواقع 4%.
صحيح أن تراجع «نتفليكس» قد يكون أحد أسبابه الحملة التي قامت بها المنصة لتقنين مشاركة الحسابات بين المستخدمين أو لأسباب اقتصادية بحسب ما ذكر الاستطلاع في تحليله لنسبة التراجع الأكبر في المستخدمين، لكن اللافت أن التراجع في نسب المشتركين امتد لباقي المنصات التي لم تقدم على نفس الإجراءات التي أقدمت عليها «نتفليكس».
تراجع «نتفليكس» لم يكن في الاستخدام فقط، ولكن أيضًا تراجع مكانتها كمنصة مفضلة للمشاهدين بنسبة 7%، هي الفارق بين مركزها السابق حين اختارها 35% من العينة كمنصتهم المفضلة خلال 2023، ومركزها الحالي إذا لم يعينها سوى 28% من العينة باعتبارها منصتهم المفضلة في العام الحالي. وهي النسبة الأعلى أيضًا في التراجع مقابل زيادة في الأفضلية لمنصة «شاهد» التي أصبحت تستحوذ على نسبة 56% في العام الحالي مقارنة بـ 43% في العام الماضي. فيما انخفضت نسبة السعوديين الذين لا يفضلوا أي منصات من 12 إلى 5% فقط، حافظت منصة STC على أفضليتها بنسبة 4%.
كما أظهر الاستطلاع الخاص بنوعية البرامج المفضلة لدى مشاهدي المنصات الرقمية من الجمهور السعودي، أن المسلسلات السعودية هي الأكثر تفضيلًا لديهم بنسبة 15%، تلتها الأفلام الأميركية بنسبة 13% وحلت المسلسلات المصرية في المرتبة الثالثة بواقع 11%. وأتت البرامج الرياضية في مرتبة أقل بنسبة 10%. فيما بلغ متوسط عدد المستخدمين لكل اشتراك في منصات المشاهدة حوالي 3.3 شخص.
من الأمور التي تجعل السوق السعودي واعدًا بالنسبة للمنصات والمحتوى الذي تقدمه، إظهار عدم اكتفاء الكثير من السعوديين بمنصة واحدة، مع وجود 23% من السعوديين يستخدمون «شاهد» و«نتفليكس» و14% يستخدمون «شاهد» و«STC»، مع الأخذ في الاعتبار أن الفئة العمرية الأصغر ما بين 18 و34 تشكل النسبة الأكبر من بين مستخدمي منصات المشاهدة بنحو 51% من المشتركين.
وتكشف البيانات الديموغرافية للعينة المختارة في الاستطلاع، عن بيانات اجتماعية لافتة، منها تساوي الاهتمامات بين الجنسين تقريبًا بمتابعة المنصات، فيما يزيد إقبال حملة الشهادات الثانوية على مشاهدة المنصات والاشتراك فيها مقابل الجامعيين، فبينما تبلغ نسبة مشاهدي المنصات من حملة شهادة الثانوية 40% من المستخدمين، لم تزد حصة حاملي الشهادات الجامعية عن 35.2%، وتشكل الفئتان معًا أصحاب التعليم الجيد التي تسيطر على نحو 75.2% من مجموع مستخدمي منصات المشاهدة الرقمية.
من النقاط اللافتة في الاستطلاع أن الأشخاص الأعلى دخلًا هم الأقل اهتمامًا بالمنصات، فالفئة التي تتقاضى راتبًا شهريًا يزيد على 15 ألف ريال؛ تستحوذ على نسبة 7.8% من الاشتراكات فقط، في مقابل 29.4% لمن لا دخل له و31.6% لمن يتقاضى دخلًا يقل عن 5 آلاف ريال.